الأربعاء، ٣ فبراير ٢٠١٠

الحضاره فى الاسلام

الكعبه المشرفه
باب زويله باب القاهره

جامع السلطان حسن مصر

الازهر الشريف ومن حوله مليون مأذنه القاهره


جامع محمد على القلعه مصر

جامع الرفاعى مص

قصر الحمراء الاندلس

اسطانبول

الاسطرلاب

منبر جامع محمد على مصر القلعه


الإسلام كدين عالمي يحض علي العلم ويعتبره فريضة علي كل مسلم . لتنهض أممه وشعوبه . ولم يكن في أي وقت مدعاة للتخلف كما يأفك الغرب .فأي علم مقبول إلا لوكان علما يخالف قواعد الإسلام ونواهيه .فالرسول صلى الله عليه وسلم دعا لطلب العلم ولو كان بالصين . والإسلام يكرم العلماء ويحعلهم ورثة الأنبياء ويحضهم علي طلبه من المهد إلي اللحد. وتتميز الحضارة الإسلامية بالتوحيد والتنوع العرقي في الفنون والعلوم والعمارة طالما لاتخرج عن نطاق القواعد الإسلامية . لأن الإسلام لايعرف الكهنوت كما كانت تعرفه أوروبا . لأن الحرية الفكرية كانت مقبولة تحت ظلال الإسلام . وكانت الفلسفة يخضعها الفلاسفة المسلمون للقواعد الأصولية مما أظهر علم الكلام الذي يعتبر علما في الإ لهيات . فترجمت أعمالها في أوربا وكان له تأثيره في ظهور الفلسفة الحديثة وتحرير العلم من الهنوت الكنسي فيما بعد .مما حقق لأوربا ظهور عصر النهضة بها . فالنهضة الإسلامية جعلت من العرب والشعوب الإسلامية المتبدية يحملون المشاعل التنويرية للعالم في العصور الوسطي حتي أصبحوا فيها سادة العالم ومعلميه . فلقد حقق الفرس والمصريون والهنود والأتراك المسلمين حضارات لهم في ظلال الإسلام لم يسبق لهم تحقيقها خلال حضاراتهم التي سبقت الإسلام . فأثروا بعلومهم التي إكتسبوها الحضارة الإسلامية التي إزدهرت وتنوعت وتنامت

لهذا لما دخل الإسلام هذه الشعوب لم يضعها في بيات حضاري ولكنه أخذ بها ووضعها علي المضمار الحضاري لتركض فيه بلا جامح بها أو كابح لها .وكانت مشاعل هذه الحضارة الفتية تبدد ظلمات الجهل وتنير للبشرية طريقها من خلال التمدن الإسلامي . فبينما كانت الحضارة الإسلامية تموج بديار الإسلام من الأندلس غربا لتخوم الصين شرقا ز كانت أوربا وبقية أنحاء المعمورة تعيش في إظلام حضاري وجهل مطبق . وامتدت هذه الحضارة القائمة بعدما أصبح لها مصارفها وروافدها لتشع علي الغرب ونطرق أبوابه .فنهل منها معارفه وبهر بها لأصالتها المعرفية والعلمية . مما جعله يشعر بالدونية الحضارية . فثار علي الكهنوت الديني ووصاية الكنيسة وهيمنتها علي الفكر الإسلامي حتي لايشيع . لكن رغم هذا التعتيم زهت الحضارة الإسلامية وشاعت . وانبهر فلاسفة وعلماء أوربا من هذا الغيث الحضاري الذي فاض عليهم . فثاروا علي الكنيسة وتمردوا عليها وقبضوا علي العلوم الإسلاميية من يقبض علي الجمر خشية هيمنة الكنيسة التي عقدت لهم محاكم التفتيش والإحراق .ولكن الفكر الإسلامي قد تمل منهم وأصبحت الكتب الإسلامية التراثية والتي خلفها عباقرة الحضارة الإسلامية فكرا شائعا ومبهرا .

=فتغيرت أفكار الغرب وغيرت الكنيسة من فكرها مبادئها المسيحية لتسايرالتأثير الإسلامي علي الفكر الأوربي وللتصدي للعلمانيين الذين تخلوا عن الفكر الكنسي وعارضوه وانتقدوه علا نية . وظهرت المدارس الفلسفية الحديثة في عصر النهضة أو التنوير بأوربا كصدي لأفكار الفلاسفة العرب . ظهرت مدن تاريخية في ظلال الحكم الإسلامي كالكوفة والبصرة وبغداد و دمشق والقاهرة والفسطاط والعسكر والقطائع والقيروان وفاس ومراكش والمهدية والجزائر وغيرها . كما خلفت الحضارة الإسلامية مدنا متحفية تعبر عن العمارة الإسلامية كإستانبول بمساجدها والقاهرة بعمائرها الإسلامية وبخاري وسمرقند ودلهي وحيدر أباد وقندهار وبلخ وترمذ وغزنة وبوزجان وطليطلة وقرطبة وإشبيلية ومرسية وسراييفو وأصفهان وتبريز ونيقيا وغيرها من المدن الإسلامية.

العلم و الفنون في الحضارة الإسلامية
خلال قرني من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت صناعة الكتب منتشرة في كل أنحاء [العالم الإسلامي] وكانت [الحضارة الإسلامية] تدور حول الكتب .فقد كانت توجد المكتبات الملكية والعامة والخاصة في كل مكان حيث كانت تجارة الكتب ومهنة النساخة رائجة وكان يقتنيها كل طبقات [المجتمع الإسلامي]الذين كانوا يقبلون عليها إقبالا منقطع النظير .وكان سبب هذا الرواج صناعة الورق ببغداد وسمرقند .وكانت المكتبات تتيح فرص الإستعارة الخارجية .وكانت منتشرة في كل الولايات والمدن الإسلامية بالقاهرة وحلب وإيران ووسط آسيا وبلاد الرافدين والأندلس وشمال أفريقيا .وكانت شبكات المكتبات قد وصلت في كل مكان بالعالم الإسلامي .

كان الكتاب الذي يصدر في يغداد أو دمشق تحمله القوافل التجارية فوق الجمال ليصل لقرطبة بأسبانيا في غضون شهر . وهذا الرواج قد حقق الوحدة الثقافية وإنتشار اللغة العربية . وكانت هي اللغة العلمية والثقاقية في شتي الديار الإسلامية. كما كان يعني بالنسخ والورق والتجليد . مما ماجعل صناعة الكتب صناعة مزدهرة في العالم الإسلامي لإقبال القراء والدارسين عليها وإقتنائها .وكانت هذه الكتب تتناول شتي فروع المعرفة والخط وعلوم القرآن وتفاسيره واللغة العربية والشعروالرحلات والسير والتراث والمصاحف وغيرها من آلاف عناوين الكتب . وهذه النهضة الثقافية كانت كافية لإزدهار الفكر العربي وتميزه وتطوره .وفي غرب أفريقيا في مملكتي مالي وتمبكتو أثناء إزدهارهما في عصريهما الذهبي ، كانت الكتب العربية لها قيمتها . وكان من بينها الكتب النادرة التي كانت تنسخ بالعربية ، وكانت المملكتان قد أقامتا المكتبات العامة مع المكتبات الخاصة. الترجمة
وبدأت في الخلافة العباسية أكبر حركة ترجمة في التاريخ الإنساني كله من شتي لغات أهل الأرض لأمهات الكتب العلمية والفلسفية المعاصرة . ولم يصادر الخلفاء العباسيون أي فكر. وهذه الحرية الفكرية قد أثرت العلوم العربية ونهضت بها . لهذا إعتبر مؤرخو العلم الثقاة أن مرحلة الترجمة العربية إحدى مفاخر الحضارة الإسلامية لأن الشعوب الأخرى كانت لا تحترم الحضارات السابقة لها ولا تستفيد منها. حيث كان الغزاة والغالبون يدمرون حضارة المغلوب ويحرقون الكتب ويقتلون العلماء ،كما فعل التتار في بغداد وما فعله الأسبان المسيحيون في قرطبة ، عندما أحرقوا التراث الإسلامي ودمروا المكتبات . ويذكر المستشرق الاسباني كونده ، أن الأسبان عندما استولوا على قرطبة أحرقوا في يوم واحد نحو سبعين خزانة ( مكتبة عامة ) للكتب فيها اكثر من مليون وخمسين ألف مجلد. وعندما استولي التتار على بغداد ألقوا بالكتب في نهر دجلة ، وتحولت مياه النهر إلى السواد من الحبر ثلاثة أيام متتالية. ورغم كل هذه الظروف المؤسفة التي تعرضت لها المخطوطات الإسلامية فما يزال في أنحاء العالم اليوم فيض منها في متاحف أوربا ومتاحف العالم الإسلامي . والكثير منها لم يخرج إلى النور ولم يتم تحقيقه أو تدارس ما فيه من كنوز المعرفة .ويرجع بداية عصر الترجمة الإسلامية للخليفتين العباسيين [المنصور] العباسي(ت 775م.) الذي شيد مدينة بغداد ،ومن بعده هارون الرشيد (ت807.) ، فقد شجعا المترجمين علي ترجمة علوم الإغريق والنبش عنها في بلاد الروم والشام وفارس والهند ومصر . فمعظمها كانت مندثرة ومعرضة للضياع والإنقراض . وكانت الكتب الإغريقية قد دفنت مع علمائها في مقابرهم . وكان قادة الفتوحات الإسلامية يبادلون الأسري بالكتب . وكانوا يضعون في بنود المعاهدات والصلح بندا ينص علي رفع الجزية في نظيرهدية من الكتب و السماح للمسلمين بالتنقيب عن الكتب الإغريقية. وكانوا يطلبون من البيزنطيين البحث عن كتاب معين جاء ذكره في المخطوطات, ويسألونهم البحث عنه في مقبرة صاحبه . وأنشأالخليفة العباسي المأمون داراً خاصة بالترجمة. وكان المترجمون يؤجرون بسخاء.. وقد يعطى المترجم مثقال وزن الكتاب المترجم ذهباً . وبعد مرحلة الترجمة عكف المسلمون على تلك المخطوطات الثمينة يدرسونها وينقونها مما شابها من الهرطقة والكفر والخرافات . واخضعوها للمفاهيم القرآنية والعقيدة الإسلامية .

ويعتبر القرن التاسع م له أهميته في ثبت الحضارة الإسلامية المتنامية . لأن أعمال العلماء المسلمين كانت رائعة وكانوا رجال علم متميزين وكان المأمون الخليفة العباسي العالم

يحثهم علي طلب العلم . وقد أنشأ لهم بيت الحكمة لتكون أكاديمية البحث العلمي ببغداد تحت رعايته الشخصية .وأقام به مرصدا ومكتبة ضخمة . كما أقام مرصدا ثانيا في سهل تدمر بالشام . وجمع المخطوطات من كل الدنيا لتترجم علومها . وكان يشجع الدارسين مهما تنوعت دراستهم . وحقق يهذا التوجه قفزة حضارية غير مسبوقة رغم وجود النهضة العلمية وقتها. وهذا ما لم يحدث بعد إنشاء جامعة ومكتبة الإسكندرية في القرن الثالث ق.م. وقام الفلكيون في تدمر في عهده بتحديد ميل خسوف القمر ووضعوا جداول لحركات الكواكب . وطلب منهم تحديد حجم الأرض ، وقاسوا محيطها ، فوجدوه 20400 ميل ،وقطرها 6500 ميل. وهذا يدل علي أن العرب كانوا علي علم وقتها ،بأن الأرض كروية قبل كويرنيق بخمسة قرون . كما طلب المأمون منهم وضع خريطة للأرض . وفي علم الفلك أثبتوا دورانها. وقياساتهم تقريبا لها تطابق ما قاسه علماء الفلك بالأقمار الصناعية ، وأنهم كانوا يعتقدون خطأ أنها مركز الكون, يدورحولها القمر والشمس والكواكب . وهذا الإعتقاد توارد إليهم من فكر الإغريق . واكتشفوا الكثير من النجوم والمجرات السماوية وسموها بأسمائها العربية التي مازالت تطلق عليها حتي الآن. وكانت كل الأبحاث في الفلك والرياضيات في العصر العباسي قد إنفرد بها العلماء المسلمون وقد نقلوها عن الهنود الذين قد ترجموها عن الصينيين للعربية وقاموا بتطويرها بشكل ملحوظ. الفلك
كان إبراهيم الفزاري أول من إخترع الإسطرب في الفلك.كما ظهرت عبقرية الخوارزمي في الزيج ( جدول فلكي) الذي صنعه وأطلق عليه اسم "السند هند الصغير،،وقد جمع فيه بين مذهب الهند، ومذهب الفرس، ومذهب بطليموس الإغريقي في الفلك .وصار لهذا الزيج أثر كبير في الشرق والغرب. و ابتكر المسلمون علوماً جديدة لم تكن معروفة قبلهم وسموها بأسمائها العربية كعلم الكيمياء وعلم الجبر وعلم المثلثات . و من مطالعاتنا للتراث العلمي الإسلامي نجد أن علماء المسلمين قد إبتكروا المنهج العلمي في البحث والكتابة.وكان يعتمد علي التجربة والمشاهدة والاستنتاج. و أدخل العلماء المسلمون الرسوم التوضيحية في الكتب العلمية و رسوم الآلات والعمليات الجراحية. و رسم الخرائط الجغرافية والفلكية المفصلة. وقد ابتدع المسلمون الموسوعات و القواميس العلمية حسب الحروف الأبجدية . وكان لاكتشاف صناعة الورق وانتشار حرفة (الوراقة) في العالم الإسلامي فضل في انتشار تأليف المخطوطات ونسخها . وقد تنوعت المخطوطات العربية بين مترجم ومؤلف. أما المترجم فكان منها الهندي والفارسي والإغريقي والمصري (من مكتبات الاسكندرية). ولم تكن المكتبات الإسلامية كما هي في عصرنا مجرد أماكن لحفظ الكتب, بل كان في المكتبة الرئيسية جهاز خاص بالترجمة وآخر خاص بالنسخ والنقل وجهاز بالحفظ والتوزيع. وكان المترجمون من جميع الأجناس الذين كانوا يعرفون العربية مع لغة بلادهم.ثم كلن يراجع عليهم ترجماتهم, علماء العرب لإصلاح الأخطاء اللغوية. أما النقلة والنساخون فكانت مهمتهم إصدار نسخ جديدة من كل كتاب علمي عربي حديث أو قديم. وكانت أضخم المكتبات هي الملحقة بالجامعات والمساجد الكبري . ففي بيت الحكمة ببغداد وفي دار الحكمة في القاهرة وفي جامعة القيروان وقرطبة كانت المخطوطات بهم بالآلاف في كل علم وفرع من فروع العلم . وكانت كلها ميسرة للاطلاع أو الاستعارة. فكان يحق للقارىء أن يستعيرأي كتاب مهما كانت ً قيمته وبدون رهن . لهذا كانت نسبة الأمية في هذا الوقت ، تكاد تكون معدومة. وكان تعلم القرآن كتابة وقراءة إلزامياً. بينما كانت نسبة الأمية في أوربا فيما بين القرن التاسع وحتي القرن 12م أكثر من 95% .و يقول المستشرق آدم متز في كتابه (الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري ),أن أوروبا وقتها لم يكن بها أكثرمن عدد محدود من المكتبات التابعة للأديرة . ولا يعرف التاريخ أمة اهتمت باقتناء الكتب والاعتزاز بها كما فعل المسلمون في عصور نهضتهم وازدهارهم. فقد كان في كل بيت مكتبة. وكانت الأسر الغنية تتباهي بما لديها من مخطوطات نادرة وثمينة. وكان بعض التجار يسافرون إلى أقصى بقاع الأرض لكي يحصلوا على نسخة من مخطوط نادر أو حديث. وكان الخلفاء والأثرياء يدفعون بسخاء من أجل أي مخطوط جديد.

نهضة علمية

النهضة العلمية ظهرت الجامعات الإسلامية لأول مرة بالعالم الإسلامي قبل أوربا بقرنين .وكانت أول جامعة بيت الحكمة أنشئت في بغداد سنة 830 م, ثم تلاها جامعة القرويين سنة 859 م في فاس ثم جامعة الأزهر سنة 970 م في القاهرة. وكانت أول جامعة في أوربا أنشئت في سالرنو بصقلية سنة 090ا م على عهد ملك صقلية روجر الثاني. وقد أخذ فكرتها عن العرب هناك . ثم تلاها جامعة بادوا بايطاليا سنة 1222 م. وكانت الكتب العربية تدرس بها وقتها . وكان للجامعات الإسلامية تقاليد متبعة وتنظيم .فكان للطلاب زي موحد خاص بهم وللأساتذة زي خاص. وربما اختلف الزي من بلد إلي بلد ومن عصر إلي عصر. وقد أخذ الأوربيون عن الزي الجامعي الإسلامي الروب الجامعي المعمول به الآن في جامعاتهم . وكان الخلفاء والوزراء إذا أرادوا زيارة الجامعة الإسلامية يخلعون زي الإمارة والوزراة ويلبسون زي الجامعة قبل دخولها .وكانت اعتمادات الجامعات من ايرادات الأوقاف. فكان يصرف للطالب المستجد زي جديد وجراية لطعامه. وأغلبهم كان يتلقى منحة مالية بشكل راتب وهو ما يسمى في عصرنا بالمنحة .فكان التعليم للجميع بالمجان يستوي فيه العربي والأعجمي والأبيض والأسود.

وبالجامعات كان يوجد المدن الجامعية المجانية لسكني الغرباء وكان يطلق عليها الأروقة. والطلبة كان يطلق عليهم المجاورون لسكناهم بجوارها . وكان بالجامعة الواحدة أجناس عديدة من الأمم والشعوب الإسلامية يعيشون في إخاء ومساواة تحت مظلة الإسلام والعلم. فكان من بينهم المغاربة والشوام والأكراد والأتراك وأهل الصين وبخارى وسمرقند. وحتى من مجاهل افريقيا وآسيا وأوروبا . وكان نظام التدريس في حلقات بعضها يعقد داخل الفصول. وأكثرها كان في الخلاء بالساحات أو بجوار النافورات بالمساجد الكبري. وكان لكل حلقة أستاذها يسجل طلابها والحضور والغياب.ولم يكن هناك سن للدارسين بهذه الجامعات المفتوحة . وكان بعض الخلفاء والحكام يحضرون هذه الحلقات.وكانوا يتنافسون في استجلاب العلماء المشهو رين من أنحاء العالم الإسلامي ،ويغرونهم بالرواتب والمناصب, ويقدمون لهم أقصى التسهيلات لأبحاثهم. وكان هذا يساعد على سرعة انتشار العلم وانتقال الحضارة الإسلامية بديار الإسلام .


كانت الدولة الإسلامية تعني بالمرافق الخدماتية والعامة بشكل ملحوظ. فكانت تقيم المساجد ويلحق بها المكتبات العامة المزودة بأحدث الإصدارات في عصرها ودواوبن الحكومة والحمامات العامة ومطاعم الفقراء وخانات المسافرين علي الطرق العامة ولاسيما طرق القوافل التجارية العالمية ، وطرق الحج التراثية وإنشاء المدن والخانقاهات والتكايا المجانية للصوفية واليتامي والأرامل والفقراء وأبناء السبيل . واقيمت الأسبلة لتقدم المياه للشرب بالشوارع . وكان إنشاء البيمارستنات (المستشفيات الإسلامية ) سمة متبعة في كل مكان بالدولة الإسلامية يقدم بها الخدمة المجانية من العلاج والدواء والغذاء ومساعدة أسر المرضي الموعزين .وكلمة باريمستان بالفارسيةهو مكان تجمع المرضي ،وكلمة مستشفي معناها بالعربية مكان طلب الشفاء .لهذا كان الهدف من إنشاء هذه المستشفيات غرضا طبيا وعلاجيا . عكس المستشفيات في أوربا وقتها ،كانت عبارة عن غرف للضيافة ملحقة بالكنائس والأديرة لتقدم الطعام لعابري السبيل أو ملاجيء للعجزة والعميان والمقعدين ولم تكن للتطبيب . وكان يطلقون علي هذه الغرف كلمة مضيفة وهي مشتقة من كلمة ضيافة .وأول مستشفي بني بإنجلترا في القرن 14م. بعد إنحسار الحروب الصليبية علي المشرق العربي, بعدما أخذ الصليبيون نظام المستشفيات الإسلامية و الطب العربي عن العرب . وكان أول مستشفي في الإسلام بناه الوليد بن عبد الملك سنة706 م (88 هـ) في دمشق. وكان الخلفاء المسلمون يتابعون إنشاء المستشفيات الإسلامية الخيرية بإهتمام بالغ. ويختارون مواقعها المناسبة من حيث الموقع والبيئة الصالحة للإستشفاء والإتساع المكاني بعيدا عن المناطق السكنية . وأول مستشفى للجذام بناه المسلمون في التاريخ سنة 707 م بدمشق.

في حين أن أوربا كانت تنظر إلى الجذام على إنه غضب من الله يستحق الإنسان عليه العقاب حتى أصدر الملك فيليب أمره سنة 1313 م بحرق جميع المجذومين في النار. وكانت المستشفيات العامة بها أقسام طب المسنين ، بها أجنحة لكبار السن وأمراض الشيخوخة . وكانت توجد المستشفيلت الخاصة. والمستوصفات لكبار الأطباء بالمستشفيلت العامة ..


ومن المعروف أن الدولة الإسلامية في عصور ازدهارها كانت تعطي أهمية قصوى لمرافق الخدمات العامة مثل المساجد ودواوين الحكومة والحمامات والمطاعم الشعبية واستراحات المسافرين والحجاج. وبديهي أن تكون أهم هذه المرافق المستشفيات.. فقد كانت تتميز بالاتساع والفخامة والجمال مع البساطة. ومن بين هذه المستشفيات التراثية اليوم مستشفي السلطان قلاوون ومستشفي أحمد بن طولون بالقاهرة والمستشفي السلجوقي بتركيا . وكانت مزودة بالحمامات والصيدايات لتقديم الدواء والأعشاب. والمطابخ الكبيرة لتقديم الطعام الطبي الذي يصفه الأطباء للمرضي حسب مرضهم . لأن الغذاء المناسب للمرض كانوا يعتبرنه جزءا من العلاج .

ويشتمل المستشفى الكبير( الجامعي ) على قاعة كبيرة للمحاضرات والدرس وامتحان الأطباء الجدد وملحق بها مكتبة طبية ضخمة تشمل على المخطوطات الطبية. والمشاهد لهذه المستشفيات سيجدها أشبه بالقصورالضخمة و المتسعة, بل والمنيفة. وحول المبني الحدائق ومن بينها حديقة تزرع فيها الأعشاب الطبية.ولم يأت منتصف القرن العاشر م. حتى كان في قرطبة بالأندلس وحدها خمسون مستشفي وأكثر منها في دمشق وبغداد والقاهرة والقيروان علاوة المستشفيات المتنقلة والمستشفيات الميدانية لجرحي الحرب ، والمستشفيات التخصصية كمستشفيات الحميات التي كان بها معزل طبي لعزل الأمراض المعدية .

وفيها كان يبرد الجو وتلطف الحرارة بنوافير المياه أو بالملاقف الهوائية . ومستشفيات للجراحةالتي كان يشترط فيها الجو الجاف ليساعد على التئام الجروح. لكثرة حروب المسلمين فقد طوروا أساليب معالجة الجروح فابتكروا أسلوب الغيار الجاف المغلق وهو اسلوب نقله عنهم الأسبان وطبقوه لأول مرة في الحرب الاهلية الأسبانية ثم عمم في الحرب العالمية الأولى بنتائج ممتازة. وهم أول من استعمل فتيلة الجرح لمنع التقيح الداخلي وأول من استعمل خيوطا من مصارين الحيوان في الجراحة الداخلية.. ومن أهم وسائل الغيار على الجروح التى أدخلها المسلمون استعمال عسل النحل الذي ثبت حديثا أن له خصائص واسعة في تطهير الجرح ومنع نمو البكتريا فيه..

الطب
ولقد طور الأطباء المسلمون أساليب معالجة الجروح فابتكروا أسلوب الغيار الجاف المغلق . وفتائل الجراحة المغموسة في عسل النحل لمنع التقيح الداخلي وهو اسلوب نقله عنهم الأسبان وطبقه الأوربيون في حروبهم . وكان الجراحون المسلمون قد قفزوا بالجراحة قفزة هائلة ونقلوها من مرحلة نزع السهام كما كان عند الإغريق إلي مرحة الجراحة الدقيقة ومما سهل هذا إكتشافهم للتخدير قبل الجراحة, فتوصلوا إلى ما سموه المرقد (البنج عبارة عن اسفنجة تنقع فى محلول من الأعشاب المركبة القنب(الحشيش) والزؤبان والخشخاش (الأفيون ) وست الحسن . وتترك لتجف وقبل العملية توضع الاسفنجة في فم المريض فإذا امتصت الأغشية المخاطية تلك العصارة استسلم للرقاد العميق لا يشعر معه بألم الجراحة .

ولم يقتصر أطباء المسلمين على طريقة الاسفنجةالمخدرة فقط ،بل كانوا يستعملونه لبوساً من الشرج أو شراباً من الفم .و عرف المسلمون التخدير بالاستنشاق. وبين إبن سينا أثره بقوله : من استنشق رائحته عرض له سبات عميق من ساعته . وللإفاقة من البنج كان الأطباء العرب يستخدمون أسفنجة أطلقوا عليها الإسفنجة المنبهة المشبعة بالخل لإزالة تأثير المخدر وإفاقة المريض بعد الجراحة .وحدثنا إبن سينا في كتابه( القانون (عن التخديربالتبريد قائلا: ومن جملة ما يخدر ،إلما ء المبرد بالثلج تبريداً بالغاً. ووصف كيفية استعمال التبريد كمخدر موضعيى كما في جراحة الأسنان.. ولقد كان الجراحون قبل ذلك يتهيبون من الجراجة الداخلية، ويكتفون بعمليات البتر. ثم الكي بالنار لإيقاف النزيف الداخلي. لكنهم باكتشاف واختراعالرازي لخيوط الجراحة من أمعاء الحيوان جعل بإمكانهم خياطة أي عضوداخلي بأمان دون الحاجة إلى فتحه من جديد لاخراج أسلاك الجراحة. وكان الجراحون يستعملون في خياطة جراحاتهم الإبر والخيوط من الحريرأو من أمعاء الحيوانات لربط الجروح الداخلية والخارجية أو من خيوط من الذهب لتقويم الأسنان .


ومع تطور الجراحة عند المسلمين بعد اكتشافهم للتخدير ،ابتكروا الكثير من آلات الجراحة التى لم تكن معروفة قبلهم ،فمنها آلات من الفضة أو الصلب أوالنحاس. وكانت أسماء الآلات تدل علي مدي توسع الجراحة وتنوعها فهناك المشارط بأنواعها للجراحة الخارجية والداخلية ومنها ذو الحد وذو الحدين و المناشير الكبيرة للبتر والصغيرة لقص العظام الداخلية. و المباضع المختلفة الأشكال فمنها المباضع الشوكية والمعقوفة لقص اللوزتين. والمجادع والمجادر والمبادر والكلاليب. ودست المباضع والمقصات الخاصة بعمليات العيون والجفوت بأحجامها وأشكالها المختلفة, كالجفوت الكبيرة المستعملة في أمراض النساء لاستخراج الجنين أو تسهيل ولادته. أو الجفوت المستعملة في جراحة العظام لاستخراج بقايا العظم أو السلاح داخل الجسم ، أو المستعملة في جراحة الأذن والأنف والعيون. و الصنانير التى تدخل بين الأوعية والعروق والأعصاب و في جراحة الأوعية الداخلية وخياطتها.


وفي كسور العظام كان الأطباء يستعملون أنواعا من الجبائر من البوص أو جريد النخل أو من الخشب. وكان المجبرون يعالجون خلع المفاصل وكسر العظام بالطرق اليدوية في خبرة ومهارة دون حاجة إلى الشق بالجراحة وفي كثير من الأحيان يستعملون الشد على المفصل لمنع تكرار الخلع، كما أنهم ابتكروا طريقة الرد الفجائي للخلع . وكان الكي بالمكاوي المختلفة ،قد توارثه العرب عن البدو . . وقد استعمله المعالجون المسلمون لقتل مواطن للأمراض المزمنة والمستعصية كعرق النساء واللمباجو و الصداع النصفي . وحددوا خرائط لجسم الإنسان حددوا فيها مواضع الكي بالنسبة لكل مرض .وقد يكون الكي في أكثر من موضع للمرض الواحد. وابتكر الأطباء المسلمون أنواعا من المكاوي المحماة ،من بينها الإبر الدقيقة ذات السن الواحد أو شعبتين أو ثلاثة. وصنعوها من الحديد أو النحاس أو الذهب أو الفضة وحددوا درجة الحرارة المناسبة لعلاج كل مرض


وحدد العالم ابن سينا في كتابه (القانون (القواعد الرئيسية لجراحة السرطانات. في مراحل ثلاث هي : الاكتشاف المبكر,ثم الجراحة المبكرة, فالاستئصال التام. و ذكر الزهراوي علاج السرطان في كتابه( التصريف (قائلا: متى كان السرطان في موضع يمكن استئصاله كله كالسرطان الذي يكون في الثدي أو في الفخد ونحوهما من الأعضاء المتمكنة لإخراجه بجملته ،إذا كان مبتدءاً صغيراً فافعل. أما متى تقدم فلا ينبغى أن تقربه فاني ما استطعت أن أبرىء منه أحدا. ولا رأيت قبلى غيري وصل إلى ذلك " .ووصف العملية قائلا : ثم تلقى في السرطان الصنانير التى تصلح له ثم تقوره من كل جهة مع الجلد على استقصاء حتى لا يبقى شيء من أصوله واترك الدم يجري ولا تقطعه سريعا بل اعصر المواضع ما أمكنك.


وكان الزهراوي يجري عملية إستئصال الغدة الدرقية . وهي عملية لم يجرؤ أي جراح في أوربا على إجرائها إلا في القرن التاسع عشربعد ه بتسعة قرون وقد بين هذه العملية بقوله : هذا الورم يسمى فيلة الحلقوم ويكون ورما عظيما على لون البدن وهو في النساء كثير. وهو على نوعين إما يكون طبيعيا وإما يكون عرضيا. فأما الطبيعي فلا حيلة فيه. وأما العرضي فيكون على ضربين أحدهما شبيه بالسلع الشحمية والنوع الآخر شبيه بالورم الذي يكون من تعقد الشريان وفي شقة خطر فلا تعرض لها بالحديد البتة " كما بين الزهراوي أوضاع المريض في جراحة الأمعاء بوضعه على سرير مائل الزاوية فاذا كانت الجراحة في الجزء السفلي من الأمعاء وجب أن يكون الميل ناحية الرأس. والعكس صحيح والهدف من ذلك الإقلال من النزيف أثناء العملية والتوسعة ليد الجراح (.و نبه علي أهمية تدفئة الامعاء عند خروجها من البطن إذا تعسر ردها بسرعة، وذلك بإلماء الدافىء حتى لا تصاب بالشلل.كما إبتكر (الزراقة) لغسيل المثانة وإدخال الأدوية لعلاجها من الداخل .كما عملية تفتيت حصاة المثانة قبل إخراجها فقال : فإن كانت الحصاة عظيمة جدا فإنه من الجهل أن تشق عليها شقا عظيما لأنه يعرض للمريض أحد أمرين: إما أن يموت أو يحدث له تقطيرفي البول والأفضل أن يتحايل في كسرها بالكلاليب ثم تخرجها قطعا).


وفي سنة 836 م أمر الخليفة المعتصم ببناء مشرحة كبيرة على شاطىء نهر دجلة في بغداد وان تزود هذه المشرحة بأنواع من القرود الشبيهة في تركيبها بجسم الإنسان وذلك لكى يتدرب طلبةالطب على تشريحها. ولم يخل كتاب من مؤلفات المسلمين في الطب من باب مستقل عن التشريح توصف فيه الأعضاء المختلفة بالتفصيل وكل عضلة وعرق وعصب باسمه وكان الرازي يقول في كتابه: "يمتحن المتقدم للإجازة الطبية في التشريح أولا.، فإذا لم يعرفه فلا حاجة بك أن تمتحنه على المرضى". وكان المسلمون يعتمدون أول أمرهم على ما كتبه الإغريق في تشريح جسم الإنسان وذلك تجنبا للحرج الدينى.. ولكنهم اكتشفوا عن طريق التشريح المقارن (أي تشريح الحيوانات) الكثير من الأخطاء في معلومات الإغريق فابتدأوا الاعتماد على أنفسهم ". زمن خلال دراستهم للتشريع تعرف إبن النفيس علي الدورة الدموية . واكتشفوا أن الكبد يتكون من فصين وليس من خمسة فصوص كما كان يعتقد الإغريق . واكتشف عبد اللطيف البغدادي المتوفي سنة 1231 م أن الفك السفلي للإنسان يتكون من عظمة واحدة وليس من عظمتين كما ذكر جالينوس بعد أن فحص (2000) جمجمة بشرية . واكتشف أن عظمة العجز تتكون من قطعة واحدة وليس من ست قطع كما ذكر جالينوس الإغريقي. وكان ابن الهيثم المتوفي سنة 1037م قداكتشف تشريح طبقات العين ووظائف كل طبقة؛ كالعدسة والحدقة والشبكية وتر كيب الاعصاب المتصلة من العين إلي المخ. كما اكتشف ابن رشد وظائف شبكية العين .


وكان المسلمون يطلقون على طب العيون اسم الكحالة وقد اشتهر عدد من أطبائهم بلقب الكحال.. لبروزهم في هذا الفن.. ولا تقتصر الكحالة على العلاج بالكحل والقطور فحسب "فدرج الكحل " كان يشمل إلى جانب هذه الادوية على الآلات الجراحية المتخصصة، وقد تطورت جراحة العيون فى البلاد التي تكثر فيها هذه الأمراض مثل مصر والأندلس.

وفي علم طب الأعشاب اكتشفوا ألوف النباتات التي لم تكن معروفة وبينوا فوائدها. وكانت معظم الأعشاب تجرب على الحيوانات كالقرود أولا. وكان الطبيب المعالج هو الصيدلي أو العشاب في آن واحد. ثم انفصلت التخصصات وأصبح الطبيب يكتب الوصفات وتسمى (الأنعات). وكان يسلمها المريض إلى العشاب أو العطار الذي يركبها له. . وكان العلماء المسلمون يتحايلون على الأدوية المرة التى تعافها نفس المريض بطرق مختلفة. فابن سينا أول من أوصى بتغليف الدواء بأملاح الذهب أو الفضة لهذا السبب. فكان ابن البيطار (شيخ العطارين) يجوب العالم ومعه رسام يرسم له في كتبه النبات بالألوان في شتى أحواله واطواره ونموه. وقد اكتشف وحده 300 نبات طبي جديد شرحها في كتبه واستجلبها معه .وقد ألف كبار العشابين العديد من الكتب والموسوعات العلمية في هذا العلم ومن أهم هؤلاء البيروني صاحب كتاب (الصيدلة (وابن البيطار مؤلف كتاب "مفردات الأدوية.


وكان الطب العربي قد عني بطب وعرف الطب النفسي العضوي كطب المجانين والمسجونين وكان ابن سينا أول من أشار إلى أثر الأحوال النفسية على الجهاز الهضمي وقرحة المعدة وعلى الدورة الدموية وسرعة النبض. وكان الأطباء العرب يتبعون الطب الوقائي و الأمراض المعدية. حبث كانوا يعرفوم العدوى ودورها في نقل الأمراض قبل اكتشاف الميكروسكوب والميكروبات بمئات السنين.. فبينوا أضرارمخالطة المريض بمرض معد أو استعمال آنيته أو ملابسه, ودور البصاق والإفرازات في نقل العدوي . وكان إبن ابن رشد قد إكتشف المناعة التي تتولد لدى المريض بعد إصابته بمرض معد مثل الجدري. وبين أنه لايصاب به مرة أخرى. وكانوا يصنعون نوعا من التطعيم ضد الجدري( إذ يأخذون بعض البثور من مريض ناقه ويطعم به الشخص السليم بأن توضع على راحة اليد وتفرك جيدا أو يحدثون خدشا في مكانها وهي نفس فكرة التطعيم التي نسبت فيما بعد إلي أوروبا.

وكان يوجد قانون تشريعي ينظم مزاولة مهنة الطب) ففي عهد الخليفة المقتدرالعباسي صدر أول قانون في التاريخ للرخص الطبية وبموجبه لا يجوز ممارسة الطب إلا بعد امتحان وشهادة . ووضعت آداب وأخلاقيات للمهنة .وكان كل من يقوم بممارسة مهنة الطب، يؤخذ عليه قسم الطبيب المسلم والذي كان يعتمد على المحافظة على سر المريض وعلاجه دون تمييز وأن يحفظ كرامة المهنة وأسرارها. وكان في سنة 833 م- 8 1 2 هـ (4 1) في عهد الخليفة المأمون قد صدر أول قانون للرخص الصيدلية وبموجبه يجري امتحان للصيدلاني ثم يعطي بموجبه مرسوم يجيز له العمل.وأخضع القانون الصيدليات للحسبة (التفتيش ). وكان الخليفة قد كلف الرازي شيخ الأطباء بتأليف كتاب بعنوان "أخلاق الطبيب " ليدرس للطلبة.. وقد شرح فيه العلاقة الانسانية بين الأطباء والمرضى وبينهم وبين بعضهم كما ضمنه نصائح للمرضى في تعاملهم مع الطبيب...ووضع أيضا كتاب "طب الفقراء" يصف لهم فيه الأدوية الرخيصة للعلاج المنزلي.

البيطرة
وكانت البيطرة قد أصبحت علما له قواعده وأصوله لأن الإسلام عني بالرفق بالحيوان وعلاجه وتغذيته ونهانا عن عدم تحميله ما لاطاقة له به أو تعذيبه ، ومنع قتله إلا لضرورة .وحرم وشمه أو جدع أنفه أو وخزه بآلة حادة . ولكي نعطي القارىء فكرة عن المدى الذي وصل إليه المسلمون من التطور العلمي في ميدان الطب البيطري حيث عني بأمراض الخيل,و المظهر الخارجي والصفات العامة المميزة للفرس والحمار والبغل ووظائف الأعضاء الخارجية و العيوب الوراثية في الخيل . وكانت الخلافة العباسية قداتسعت في مشارق الأرض ومغاربها، وزادت حاجة المسلمين إلى علم جديد من علوم الحساب يساعدهم في معاملات البيع والشراءبين الشعوب مع اختلاف العملات والموازين ونظام العقود. وهذا ما جعل الخليفة إلمأمون يكلف الخوارزمي عالم الرياضيات ببغداد ،بالتفرغ لوضع وسيلة جديدة لحل المعادلات الصعبة التي تواجه المشتغلين بالحساب.فوضع كتابه (الجبر والمقابلة) وبين أغراضه قائلا عند تقديمه: يلزم الناس من الحاجة إليه في مواريثهم ووصاياهم وفي مقاسمتهم وأحكامهم وتجارتهم وفي جميع ما يتعاملون به بينهم من مساحة الأرضين وكرى الأنهار والهندسة وغير ذلك من وجوهه وفنونه .). وتناول الكتاب الحسابات وطرقها ابتداء من حساب محيط فى الكرة الأرضية وقطرها وخطوط الطول والعرض في البلدان إلى مساحات البلدان والمدن والمسافات بينها. ثم مساحات الشوارع والأنهار إلى مساحات الضياع والبيوت .. وحساب الوصايا والمواريث وتقسيم التركات المعقدة. والحسابات الفلكية ، وحساب المعمار . وكلها كانت تواجه مشاكل وصعوبة في حسابها بطرق الأولين. وكان علماء الرياضيات المسلمين قد بحثوا في مختلف جوانب علوم الحساب والهندسة والأعداد جمعا وتفريقا وتضعيفا وضربا وقسمة وتوصلوا لكيفية إخراج الجذور في الأعداد الصحيحة وغير الصحيحة .و بينوا الكسور و صورها وطرق جمعها وتفريقها وضربها وقسمتها واستخراج جذور الكسور التربيعية والتكعيبية والضرب والقسمة باستخدام الهندسة وحلوا مسائل العدد ولبنوا خصائصه وتطبيقاته في المعاملات والصرف وتحويل الدراهم والدنانير والأجرة والربح والخسارة والزكاة والجزية والخراج وحساب الأرزاق والبريد والأعداد المضمرة وغيرها من علوم الحساب.

الرياضيات
وقد ظهرت الترجمة العربية في عهد أبي جعفر المنصور لكتاب "السند هند" ومن خلاله دخل علم الحساب الهندي بأرقامه المعروفة في العربية بالأرقام الهندية فقد تطور على أثرها علم العدد عند العرب، وأضاف إليها المسلمون نظام الصفر، والذي لولاه لما استطعنا أيضاً أن نحل كثيراً من المعادلات الرياضية من مختلف الدرجات، فقد سهل استعماله جميع أعمال الحساب، وخلص نظام الترقيم من التعقيد، ولقد أدى استعمال الصفر في العمليات الحسابية إلى اكتشاف الكسر العشري الذي إكتشفه العالم الرياضى جمشيد بن محمود غياث الدين الكاشي(ت 840 هـ1436 م)، كما ورد في كتابه (مفتاح الحساب للعالم). وكان هذا مقدمة ا للدراسات والعمليات الحسابية المتناهية في الصغر. لقد كانت الأرقام العربية بصفرها وكسورها العشرية بحق هدية الإسلام إلى أوروبا. هذا الكتاب تضمن الزيج وهو عبارة عن جداول حسابيةً فلكياة تبين مواقع النجوم وحساب حركاتها. ويعتبر إبراهيم الفزاري أول من صنع الاصطرلاب . وهو الآلة الفلكية التي تستخدم لرصد الكواكب. وكان علماء المسلمين يصدرون كتاباًدورياً بإسم المناخ,وهي موسوعات تنبؤية حولية أو فصلية تبين أحوال الجو في كل عام, ومواسمالزراعة للنباتات و الطقس والمطر حسب التوقعات الفلكية. مما كان يساعد الزراع والمسافرين علي التعرف علي الأرصاد الجوية . وقد نقلت أوربا فكرته . وحاليا مازالت الموسوعة السنوية من تصدر سنويا في معظم بلدان العالم

الميكانيكا
وعرف العرب علم الميكانيكا وكانوا يطلقون عليه علم الحيل وقد نقلوه عن الإغريق والرومان والفرس والصينيين وجعلوه علما تطبيقيا بعدما كان علما للتسلية والسحر.لهذا أطلق العلماء العرب عليه علم الحيل النافعة وكان قدماء المصريين قد إستخدموا الميكانيكا في تشييد الأهرامات والمعابد الضخمة من حيث نقل الحجارة ورفعها . والإغريق أخذوها عنهم وجعلوها علما قائما بذاته أطلقوا عليه علم الميكانيكا .ونقل العرب تقنيته عن الإغريق فترجموا كتبه . وطوروه وابتكروا فيه تقنيات جديدة . وكان الهدف من هذا, الإستفادة منه وتوفير القوة البشرية والتوسع في القوة الميكانيكية والإستفادة من المجهود البسيط للحصول علي حهد أكبر من جهد الإنسانوالحيوان . فاعتبره العلماء طاقة بسيطة تعطي جهدا أكبر . فأرادوا من خلاله تحقيق منفعة الإنسان واستعمال الحيلة مكان القوة والعقل مكان العضلات والآلة بدل البدن .والإستغناء عن سخرة العبيد ومجهودهم الجسماني .

فلجأوا للطاقة الميكانبكة للإستغناء عن الطاقة الحيوية التي تعتمد على العبيد والحيوانات ، ولاسيما وأن الإسلام منع نظام السخرة في قضاء الأمورالمعيشية التي تحتاج لمجهود جسماني كبير . كما حرم إرهاق الخدم والعبيد والمشقة على الحيوان بعدم تحميلهم فوق ما لا يطيقونه ، لذلك اتجه المسلمون إلى تطوير الآلات لتقومعوضا عنهم بهذه الأعمال الشاقة .

و علم الحركة حاليا ، يقوم على ثلاثة قوانين رئيسية ، كان قد وضعها العالم الإنجليزي إسحق نيوتن في أوائل القرن 18,عندما نشرها في كتابه الشهير (الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية. ( وكان نيوتن في هذه القوانين قد قام بتجميع المعلومات العربية القديمة مما كتبه العلماء العرب عن الحركة للأشياء قبل عصره بسبعة قرون . إلا أنه صاغها في قالب معادلات رياضية. وأخذ تعريفاتهم لهذه القوانين الثلاثة ونسبها إليه . ففي القانون الأول عن الحركة قال :أن الجسم يبقى في حالة سكون أو في حالة حركة منتظمة في خط مستقيم مالم تجبره قوى خارجية على تغييرهذه الحالة . ويقول هذا إخوان الصفا، في رسائلهم الشهيرة :الأجسام الكليات كل واحد له موضع مخصوص ويكون واقفاً فيها لا يخرج إلا بقسر قاسر". ويقول ابن سينا المتوفي سنة 1037م. في كتابه (الإشارات وا لتنبيهـات) :إنك لتعلم أن الجسم إذا خلى وطباعه ولم يعرض له من الخارج تأثير غريب لم يكن له بد من موضع معين وشكل معين .

فإن من طباعه مبدأ استيجاب ذلك .إذا كان شيء ما يحرك جسما ولا ممانعة في ذلك الجسم كان قبوله الأكبر للتحريك مثل قبوله الأصغر، ولا يكون أحدهما أعصى والآخر أطوع حيث لا معاوقة أصلاً". ثم يأتي بعد ابن سينا علماء مسلمون على مر العصور يشرحون قانونه ويجرون عليه التجارب العملية،

وفي ذلك يقول فخر الدين الرازي المتوفي سنة 1209م بكتابه (المباخث المشرقية ): "إنكم تقولون طبيعة كل عنصر تقتضي الحركة بشرط الخروج عن الحيز الطبيعي. والسكون بشرط الحصول على الحيز الطبيعي .( وفي كتابه (المباحث الشرقية في علم الإلهيات والطبيعيات) يقول إبن سينا :"وقد بينا أن تجدد مراتب السرعة والبطء بحسب تجدد مراتب المعوقات الخارجية والداخلية" .أما قانون نيوتن الثاني في الحركة ينص:أن تسارع جسم ما أثناء حركته، يتناسب مع القوة التي تؤثر عليه، وفي تطبيق هذا القانون على تساقط الأجسام تحت تأثير جاذبية الأرض تكون النتيجة أنه إذا سقط جسمان من نفس الارتفاع فإنهما يصلان إلي سطح الأرض في نفس اللحظة بصرف النظر عن وزنهما ولو كان أحدهما كتلة حديد والآخر ريشة، ولكن الذي يحدث من اختلاف السرعة مرده إلى اختلاف مقاومة الهواء لهما في حين أن قوة تسارعهما واحدة.

ويقول الإمام فخر الدين الرازي في كتابه (المباحث المشرقية) : فإن الجسمين لو اختلفا في قبول الحركة لم يكن ذلك الاختلاف بسبب المتحرك، بل بسبب اختلاف حال القوة المحركة، فإن القوة في الجسم الأكبر ،أكثرمما في الأصغر الذي هو جزؤه لأن ما في الأصغر فهو موجود في الأكبرمع زيادة"، ثم يفسر اختلاف مقاومة الوسط الخارجي كالهواء للأجسام الساقطة فيقول: وأما القوة القسرية فإنها يختلف تحريكها للجسم العظيم والصغير. لا لاختلاف المحرك بل لاختلاف حال المتحرك ، فإن المعاوق في الكبير أكثر منه في الصغير.

القانون الثالث لنيوتن ينص على أن لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار ومضاد له في الاتجاه). وأبو البركات هبة الله البغدادي المتوفي سنة 1165 م.في كتابه (المعبر في الحكمة) قال بما يفيد بهذا المعني : إن الحلقة المتجاذبة بين المصارعين لكل واحد من المتجاذبين في جذبها قوة مقاومة لقوة الآخر. وليس إذا غلب أحدهما فجذبها نحوه تكون قد خلت من قوة جذب الآخر،بل تلك القوة موجودة مقهورة، ولولاها لما احتاج الآخر إلى كل ذلك الجذب "، ويقول الإمام فخر الدين الرازي في كتابه ( المباحث المشرقية): " الحلقة التي يجذبها جاذبان متساويان حتى وقفت في الوسط لا شك أن كل واحد منهما فعل فيها فعلاً معوقا ًبفعل الآخر". هذه القوانين الثلاثة للاستقرار والحركة ورد الفعل هي القوانين الأساسية التي ترتكز عليها حاليا كل علوم الآلات والأشياء المتحركة.

الزراعة
وفي الدول الإسلامية اتبعوا تقنيات الميكنة الزراعية المتوارثة كالمحراث والساقية والشادوف والنورج. وكان الأندلسيون يسخرون الرياح في إدارة الطواحين ورفع المياه بالسواقي.وأخذت أوروبا عنهم هذه التقمية وغيرها من الأندلس. وهذه التقنيتية أخذها الغرب عن العرب إبان حكم الأندلس وفي بغداد ايام العباسيين كانت تدار طواحين بالميله أو الهواء لرفع المياه وإدارة مصنع الورق هناك . وكانت طوتحين الهواء ورفع المياه ومصانع الورق تدار بتروس معشقة وعجلات ضخمة متداخلة . لنظرية الأنابيب المستطرقة في توصيل المياه في شبكة من المواسير إلى البيوت، أو في بناء النوافير داخل وقد أبدع المسلمون في استغلال علم الحيل في صناعة السلاح. فطوروا المنجنيق والدبابات الخشبية وكانوا أول من صنع المدافع والبندقية و مضخة المكبس اللتي اخترعها بديع الزمان الرزاز الجزري (ت سنة 184 ام) . ومضخة، الجزرى عبارة عن آلة من المعدن تدار بقوة الريح أو بواسطة حيوان يدور بحركة دائرية، وكان الهدف منها أن ترفع المياه من الآبار. العميقة إلى اسطح الأرض، وكذلك كانت تستعمل في رفع المياه من منسوب النهر إذا كان منخفضاً إلى الأماكن العليا مثل جبل المقطم في مصر وقد جاء في المراجع أنها تستطيع ضخ إلي ء إلى أن يبلغ ثلاثة وثلاثين قدماً، أي حوالي عشرة أمتار وهو ما يعادل ارتفاع مبنى يتألف من ثلاثة أو أربعة طوابق، وتنصب المضخة فوق سطح إلي ء مباشرة بحيث يكون عمود الشفط مغموراً فيه، وهي تتكون من ماسورتين متقابلتين في كل منهما ذراع يحمل مكبساً اسطوانياً، فإذا كانت إحدى إلي سورتين في حالة كبس (اليسرى) فإن الثانية تكون في حالة شفط، ولتأمين هذه الحركة المتقابلة المضادة في نفس الوقت يوجد قرص دائري مسنن قد ثبت فيه كل من الذراعين بعيداً عن المركز، ويدار هذا القرص بوساطة تروس متصلة بعامود الحركة المركزي وهناك ثلاثة صمامات على كل مضخة تسمح باتجاه المياه من أسفل إلى أعلى ولا تسمح بعودتها في الطريق العكسي. هذا التصميم العبقري لم يكن معروفاً لدى الرومان والاغريق، ولا يزال مبدأ مضخة المكبس مستعملاً حتى الوقت الحاضر في جميع مضخات المكبس التي تعمل باليد لرفع المياه . وهي منتشرة في كثير من القرى في العالم أجمع. وهذه المضخة هي الفكرة الرئيسية التي بنيت عليها جميع المضخات المتطورة في عصرنا الحاضر والمحركات الآلية كلها ابتداء من المحرك البخاري الذي في القطار أو البواخر إلى محرك الاحتراق الداخلي الذي يعمل بالبنزين كما في السيارة ،والطائرة ،والفكرة الرائدة التي أدخلها الجزري هي استعماله مكبسين واسطوانتين يعملان بشكل متقابل وبصورة متوازية، ثم نقل الحركة الناتجة وتحويلها من حركة خطية إلى حركة دائرية بواسطة نظام يعتمد استعماله التروس المسننة وهو ما يطبق حالياً في جميع المحركات العصرية

الحيل
وفي علم الحيل إشتهر أولاد موسى بن شاكر في القرن التاسع م ، وقد ألفوا كتاب "الحيل النافعة" وكتاب( القرطسون)( القرطسون ميزان الذهب) وكتاب( وصف الآلة التى تزمر بنفسها صنعة بني موسى بن شاكر) .ومن مختراعاتهم آلة رصد فلكي ضخمة و كانت تعمل في مرصدهم وتدار بقوة دفع الماء وكانت تبين كل النجوم في السماء وتعكسها على مرآة كبيرة واذا ظهر نجم رصد في الآلة وإذا اختفى نجم أو شهاب رصد في الحال وسجل.

الكيمياء
في علوم الكيمياء نجد العالم جابر بن حيان الأزدي ( انتبه : جابر بن حيان خراساني و ليس عربياً ، و هو أزدي بالولاء فقط و ليس أزدياً صليبة). قد عاش بعد النصف الثاني من القرن الثامن م حيث له كتابات كثيرة سواء في المركبات الكيميائية التي لم تكن معروفة في ذلك الوقت مثل نترات الفضة المتبلورة وحامض الأزوتيك وحامض الكبريتيك (زيت الزاج) ولاحظ ما يرسب من كلوروز الفضة عند إضافة ملح الطعام ،أو في وصف العمليات الكيميائية كالتقطير والتبخير والترشيح والتبلور والتذويب والتصعيد والتكليس ونحوها. وفي كتبه بين نظرية تكوين المعادن جيولوجيا وبين المعادن الكبريتية الزئبقية ونسب تكوين ستة منها .وبين كيفية تحضير المواد الكيميائية المختلفة ككربونات الرصاص القاعدي وتحضير الزرنيخ والأنتيمون من أملاح الكبريتيدات

وكيفية تنقية المعادن من الشوائب وتحضير الصلب الذي حضرته أوربا يعده بحوالي عشرة قرون . وحضر أصباغ الملابس والجلد و الطلاء لطلاء الجديد ووقايته من الصدلأ وملدة تدهن بها المىبس للوقاية من الماء وأدخل ثاني أكسيد المنجنيز في صناعة الزجاج .

وقام بتقطير الخل للحصول علي حامض الخليك المركز. وبين أن الجاذبية لاوزن لها . . وكان الكيميائيون العرب يحضرون ملح البارود كيميائياً في المعمل ولاسيما وأن أول من اخترع حامض النيتريك هو جابر بن حيان القلوذى سنة 722 م . وأجري الرازي (ولد سنة 850 م) فأجرى عليه التجارب وصنع منه الأملاح أثناء محاولته لإذابة الذهب وأطلق علي حامض النيتريك الزاج الأخضر.و كان العرب يطلقون على الأملاح المأ خوذة من الطبيعة الحجارة و الأملاح المحضرة كيميائيا في المعمل المستنبطات. وتحضير الكيماويات المستنبطة لم يكن معروفا من قبل عصري إبن حيان والرازي. حتي الصينيون الذين إكتشفوا ملح البارود كانوا يستعملونه من خامات الأملاح الطبيعية وكان يطلق عليه الملح الصيني. وقام الكيميائيون العرب بتنقية ملحه الخام من الشوائب. وكان العمال الزنوج يقومون سنة 869 م بتنقيته بالبصرة .

مما جعله يستعمل كبارود للمدافع وكقوة دافعة للقذائف لإشتعاله السريع . وهذه الخاصية موجودة في مادة الكبريت . لهذا كانا يخلطان معا .وكان العرب يصنعون بارود المدفع من نترات البوتاسيوم بنسبة 75% والكبريت بنسبة 10% والفحم بنسبة 15%. وكان المدفعجي يحشي هذا المسحوق في فوهة المدفع ثم يضع بها القذيفة (كرة من الحجر أو الحديد) ثم يشعل في المسحوق النار. فيشتغل المسحوق بسرعة مكونا غازات لها قوة ضغط عالية فلتنطلق عليها دفع القديفة للخارج لتنطلق للهدف المراد تدميره . فالعرب أول من صنع بارود المدافع واستعملوه كقوة دافعة تدميرية في الحروب . بينما كان الصينيون يستخدمونالملح الصيني من ملح البارود الخام لخاصية الاشتعال في الألعاب النارية في أعيادهم . وقد نقل العالم بيكون لأوربا تقنية صناعة البارود بعد 3قرون من إستعمال العرب وإختراعهم له .

وفي مخطوط عربي يرجع للقرن العاشر الميلادي تجده يصف هذه التقنية قائلا: تؤخذ عشرة دراهم من ملح البارود ودرهمان من الفحم ودرهم ونصف من الكبريت، وتسحق حتى تصبح كالغبار ويملأ منها ثلث المدفع فقط خوفاً من انفجاره ويصنع الخراط من أجل ذلك مدفعاً من خشب تتناسب فتحته مع جسامة فوهته وتدك الذخيرة بشدة ويضاف إليها البندق ( الحجارة او كرات الحديد ( . ثم يشعل ويكون قياس المدفع مناسباً لثقله وكانت المناجيق تطلق قذائف النيران الحارقة . وكانت القذيقة تتكون من خليط من الكبريت والنفط والحجارة ملفوفة في الكتان، وفي الحروب الصليبية ابتكر المسلمون آلة جديدة أطلقوا عليها الزيار لرمي أعدادا كبيرة من السهام الثقيلة دفعة واحدة . وفي الإسطول العربي كانت الكلاليب التي استعملها المسلمون في ذات الصواري لربط سفنهم بسفن الروم .

وكان الأسطول يستخدم النفاطة (مزيج من السوائل الحارقة تطلق من اسطوانة في مقدمة السفينة وتسمى النار الإغريقية وهي خليط من الكبريت والمواد السهلة الاشتعال ومادة الجير الحي التي تتفاعل مع إلما ء فتنتج الحرارة. وكان صلاح الدين الأيوبي في حربه ضد الصليبيين قد إستخدم القنبرة كسلاح الغازات التخديرية الذي كان الحشاشون الإسماعيليون قد إخترعوه في معقلهم بقلعة آلاموت (وكر النسر) حيث كانوا يحرقون الحشيش (القنب) كبخورفيشمون أتباعهم دخانه فيصابون بحالة من التخدير.فكان قوات صلاح الدين تحرق الحشيش في موضع قريب من جيش العدو بحيث يكون اتجاه الريح نحوه .

فكان تنتابه حالة من التخدير والنعاس . وهذا التكتيك من أسلوب الحرب الكيماوية مكن صلاح الدين من مباغتة الصليبيين وهزيمتهم . وطور المسلمون هذا الأسلوب فصنعوا قنبلةالغازات المخدرة وأطلقوا عليها القنبرة. وكانت تحتوي على مزيج من البنج الأزرق والأفيون والزرنيخ والكبريت فإذا تفاعل الكبريت والزرنيخ تولدت عنه غازات حارقة وخانقة. وكانوا يقذفونها بالمنجنيق على معسكر العدو وهي مشتعلة.

وفي علم السبائك كان صناعة الصلب العربي الذي تصنع منه الأسلحة فقد بلغت هذه الصناعة أوجها في دمشق والقاهرة، وأصبح السيف العربي لا يدانيه سيف، آخر من حيث حدة شفرته وعدم قابليته للصدأ أو الاعوجاج .وكان المسلمون قد طوروا في أسلحتهم فكانوا يستخدمون الأسلحة الثقيلة كالدبابة والمنجنيق لمهاجمةالبيزنطيين

العمارة
وكان المعمار الإسلامي بعتمد علي النواحي التطبيقية لعلم الحيل وهذا يتضح في إقامة المساجد والمآذن والقباب والقناطر والسدود فلقد برع المسلمون في تشييد القباب الضخمة ونجحوا في حساباتها المعقدة التي تقوم علي طرق تحليل الإنشاءات القشرية فهذه الإنشاءات المعقدة والمتطورة من القباب مثل قبة الصخرة في بيت المقدس وقباب مساجد الأستانة والقاهرة والأندلس والتي تختلف اختلافا جذرياً عن القباب الرومانيةوتعتمد إعتمادا كليا علي الرياضيات المعقدة. فلقد شيد البناؤن المسلمون المآذن العالية والطويلة والتي تختلف عن الأبراج الرومانية . لأن المئذنة قد يصل إرتفاعها لسبغين مترا فوق سطح .

المسجد الجديد , استانبول - تركياالمسجد .وأقاموا السدود الضخمة أيام العباسيين والفاطنيين والندلسيين فوق الأنهار كسد النهروان وسد الرستن وسد الفرات .كما أقاموا سور مجري العيون بالقاهرة أيام صلاح الدين الأيوبيوكان ينقل الماء من فم الخليج علي النيل إلي القلعة فوق جبل المقطم . وكانت ساقية تدار بالحيوانات ترفع المياه لعشرة أمتار ليتدفق في القناة فوق السور وتسير بطريقة الأواني المستطرقة لتصل القلعة . تتميز الحضارة الإسلامية بالتوحيد والتنوع العرقي في الفنون والعلوم والعمارة طالما لاتخرج عن نطاق القواعد الإسلامية . ففي العمارة بنى أبو جعفر المنصورالخليفة العباسي, على نهر دجلة عاصمته بغداد سنة (145- 149 هـ) على شكل دائري، وهو اتجاه جديد في بناء المدن الإسلامية، لأن مـعظم المدن الإسلامية، كانت إما مستطيلة كالفسطاط، أو مربعة كالقاهرة، أو بيضاوية كصنعاء. ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن هذه المدن نشأت بجوار مرتفعات حالت دون استدارتها . ويعتبر تخطيط المدينة المدورة (بغداد)، ظاهرة جديدة في الفن المعماري الإسلامي ولاسيما في المدن الأخرى التي شيدها العباسيون مثل مدينة سامراء وما حوته من مساجد وقصور خلافية فخمة. وظهرت مدن تاريخية في ظلال الحكم الإسلامي كالكوفة والبصرة وبغداد والقاهرة والفسطاط والعسكر والقطائع والقيروان وفاس ومراكش والمهدية والجزائروغيرها .

المحرابكما خلفت الحضارة الإسلامية مدنا متحفية تعبر عن العمارة الإسلامية كإستانبول بمساجدها والقاهرة بعمائرها الإسلامية وبخاري وسمرقند ودلهي وحيدر أباد وقندهار وبلخ وترمذ وغزنة وبوزجان وطليطلة وقرطبة وإشبيلية ومرسية وسراييفووأصفهان وتبريز ونيقيا والقيروان والحمراء وغيرها من المدن الإسلامية . وكان تخطيط المدن سمة العمران في ظلال الخلافة الإسلامية التي إمتدت من جتوب الصين حتي تخوم جنوب فرنسا عند جبال البرانس. وكانت المدن التاريخية متاحف عمرانية تتسم بالطابع الإسلاني . فكانت المدينة المنورة قد وضع النبي أساسها العمراني والتخطيط حيث جعل مسجده في وسط المدينة ،وألحق به بيته وجعلها قطائع حددلها إتساع شوارعها الرئيسية. وكلها تتحلق حول مسجده. وجعل سوقها قي قلب مدينته . لتكون بلد جنده. وعلى نمط مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم أقيمت مد ن الموصل و الكوفة وواسط بالعراق والفسطاط بمصر لتكون اول بلدة إسلامية بأفؤيقيا . وقد أقامها عمرو بن العاص كمدينة جند فجعل مسجده في قلبها وبجواره دوواين الجند ودار الإمارة ، وحولها قطائع سكنية تتحلق بمسجده . وكل قطعة كانت تضم جنود كل قبيلة . وكذلك كانت مدينة القيروان بشمال أفريقيا .وكان التخطيط العمراني له سماته الشرعية حيث تشق الشوارع بالمدينة الإسلامية تحت الريح لمنع التلوث وتقام الورش تحت خارج المدينة لمنع الإقلاق . وكان تمنح تراخيص للبناء بحيث يكون المبني من طابق أو طابقين . والأسواق كانت مسقوفة لمنع تأثير الشمس. وكان يعين لكل سوق محتسب لمراقبة البيع والأسعار وجودة البضائع والتفتيش علي المصانع للتأكد من عدم الغش السلعي والإنتاجي.وبكل مدينة أو بلدة كانت تقام الحمامات العامةلتكون مجانا .وكان لها مواصفات وشروط متفقط متبعة .وكان يتم التفتيش علي النظافة بها واتباع الصحة العامة. حقيقة كانت الحمامات معروفة لدي الإغريق والرومان . لكنها كانت للموسرين. والعرب أدخلوا فيها التدليك كنوع من العلاج الطبيعي. واقاموا بها غرف البخار (السونا).والمسلمون أول من أدخلوا شبكات المياه في مواسير الرصاص أو الزنك إلى البيوت والحمامات والمساجد.. وقد أورد كتاب "صناعات العرب " رسما وخرائط لشبكات المياه في بعض العواصم الإسلامية. ومعروف أن الكيميائيين العرب قد اخترعوا الصابون. وصنعوا منه الملون والمعطر. وكان في كل حمام مدلك مختص. وآخر للعناية باليدين.. والقدمين وبه حلاق للشعر كما كان يلحق به مطعم شعبي. وقد قدر عدد الحمامات في بغداد وحدها في القرن الثالث الهجري (955 م) حوالي عشرة آلاف حمام وفي مدن الأندلس أضعاف هذا العدد.
ويعتبر المسجد بيتا من ييوت الله حيث يؤدي به شعائر الخمس صلوات وصلاة الحمعة التي فرضت علي المسلمين ويقام فيه تحفيظ القرآن . وبكل مسجد قبلة يتوجه كل مسلم في صلاته لشطر الكعبة بيت الله الحرام . وأول مسجد أقيم في الإسلام مسجد الرسول بالمدينة المنورة . وكان ملحقا به بيته . وإنتشرت إقامة المساجد كبيوت لله في كل أنحاء العالم ليرفع من فوق مآذنها الآذان للصلاة . وقد تنوعت في عمارتها حسب طرز العمارة في الدول التي دخلت في الإسلام . لكنها كلها موحدة في الإطار العام ولاسيما في إتجاه محاريب القبلة بها لتكون تجاه الكعبة المشرفة . وبكل مسجد يوجد المنبر خطبة الجمعة من فوقه . وفي بعض المساجد توجد اماكن معزولة مخصصة للسيدات للصلاة بها . وللمسجد واحدة أو أكثر ليرفع المؤذن من فوقها الآذان للصلاة وتنوعت طرزها. وبعض المساجد يعلو سقفها قبة متنوعة في طرزها المعمارية .

وفي المساجد نجد المحراب علامة دلالية لتعيين اتجاه القبلة(الكعبة ) . وهذه العلامة على هيئة مسطح أو غائر(مجوف) أو بارز .والمسلمون استعملوا المحاريب المجوفة ذات المسقط المتعامد الأضلاع. أو المسقط النصف دائري . وقداختيرت الهيئة المجوفـة للمحراب لغرضين رئيسين هما ، تعيين اتجاه القبلة, وتوظيف التجويف لتضخيم صوت الإمام في الصلاة ليبلغ المصلين خلفه في الصفوف .وكانت تجاويف المحاريب تبطن وتكسي بمواد شديدة التنـوع كالجص والرخام والشرائط المزخرفة بالفسيفساء أو المرمر المزخرف.ونري المحاريب التي شيدها المماليك في مصر والشام من أبدع المحاريب الرخامية ، حيث تنتهي تجويفة المحراب بطاقية على شكل نصف قبـة مكسوة بأشرطة رخامية متعددة الألوان. و أبرع الفنانون المسلمون في استخدام مختلف أنواع البلاطات الخزفية لتغشية المحاريب أما الخزافون في الشرق, فقد إساخدموا استخداموا بلاطات الخزف ذات البريق المعدني والخزف الملون باللـون الأزرق الفيروزي . وقد حفلت المحاريب بالكتابات النسخية التي تضم آيات من القرآن الكريم, بجانب الزخارف النباتية المميزة بالتوريق و الأرابيسك . كما إستخدمت فيها المقرنصات الخزفية لتزيين طواقي المحاريب. وجرت العادة وضع المحراب في منتصف جدار القبلة بالضبط ليكون محوراً لتوزيع فتحات النوافذ على جانبيه بالتوازن.

و المئذنة (المنارة) الملحقة ببنايات المساجد لها سماتها المعمارية .و تتكون من كتلة معمارية مرتفعة كالبرج و قد تكون مربعة أو مستديرة أو بها جزء مربع و أعلاها مستدير. و بداخلها سلم حلزوني (دوار) يؤدي إلي شرفة تحيط بالمئذنة ليؤذن من عليها المؤذن و ليصل صوته أبعد مدى ممكن. و المآذن المملوكية تتكون من جزء مربع ثم جزء مثمن ثم جزء مستدير بينهم الدروات و يعلوها جوسق ينتهى بخوذة يثبت بها صوارى تعلق بها ثرايات أو فوانيس. و مئذنة مدرسة لغورى بالقاهرة, أقيم فى طرفها الغربى منار مربع يشتمل على ثلاثة أدوار يعلو الدور الثالث منها أربع خوذ كل خوذة منها فى دور مستقل, و محمولة على أربعة دعائم و بكل خوذة ثلاث صوارى لتعليق القتاديل أو الثريات.

الزخرفة
وتعتبر الزخرفة لغة الفن الإسلامي ، حبث تقوم على زخرفة المساجد والقصور والقباب بأشكال هندسية أو نباتية جميلة تبعث في النفس الراحة والهدوء والانشراح. وسمي هذا الفن الزخرفي الإسلامي في أوروبا باسم أرابسك بالفرنسية أتوريك أي التوريق( .وقد إشتهر الفنان المسلم فيه بالفن السريالي التجريدي من حيث الوحدة الزخرفية النباتية كالورقة أو الزهرة،

توقيع طغرة السلطان عبد الحميد الأولوكان يجردها من شكلها الطبيعي حتى لا تعطى إحساسا بالذبول والفناء، ويحورها في أشكال هندسية حتى تعطي الشعور بالدوام والبقاء والخلود .و وجد الفنانون المسلمون فى الحروف العربية أساسا لزخارف جميلة. فصار الخط العربي فناً رائعاً، على يد خطاطين مشهورين. فظهر الخط الكوفي الذي يستعمل في الشئون الهامة مثل كتابة المصاحف والنقش على العملة، وعلى المساجد، وشواهد القبور. ومن أبرز من اشتهر بكتابة الـخط الكوفي، مبارك المكي في القرن الثالث الهجري, و خط النسخ الذي استخدم في الرسائل والتدوين و نسخ الكتب، لهذا سمي بخط النسخ. وكان الخطاطون والنساخ يهتمون بمظهر الكتاب، ويزينونه بالزخرف الإسلامية. كما كانت تزين المصاحف وتحلى المخطوطات بالآيات القرآنية والأحاديث المناسبة التي كانت تكتب ب ماء الذهب.

مخطوط للقرآن الأندلسي من القرن الثاني عشر


التصوير
وفن التصوير، أي رسم الإنسان والحيوان. فبالرغم من أن بعض علماء المسلمين الأولين، اعتبروه مكروهاً، إلا أنهم لم يفتوا بتحريمه أيام خلفاء بني أمية وبني العباس. فقد ترخصوا في ذلك حيث خلفوا صورا آدمية متقنة على جدران قصورهم التي اكتشفت آثارها في شرق الأردن وسامراء ، أو في الكتب العربية الموضحة بالصور الجميلة التي رسمها المصورون المسلمون كالواسطي وغيره ، في مقامات "الحريري " وكتاب "كليلة ودمنةالتصوير في الفن الإسلاميوفن التصوير إقتصر أول الأمر على رسوم زخرفية لمناظر آدمية وحيوانية رسمت بالألوان على جدران بعض قصور الخلفاء والأمراء كما يري في إطلال قصور قصير عمرو والطوبة وسامراء ونيسابور والحمام الفاطمي بالفسطاط غير أن التصوير في الفنون الإسلامية اكتشف مجاله الحقيقي في تصوير المخطوطات منذ القرن الثالث الهجري – التاسع الميلادي – ومن اقدم المخطوطات المصورة مخطوطة في علم الطب محفوظة بدار الكتب المصرية بالقاهرة وأخرى لكتاب مقامات الحريري ومحفوظة بالمكتبة الأهلية في باريس وهما مزدانتان بالرسوم والصور وتمت كتابتها وتصويرها في بغداد سنة 619 – 1222- وكانت فارس قد تولت ريادة فن التصوير الإسلامي إبان العصر السلجوقي ونهض نهضة كبيرة في عصر المغول في أواخر القرن السابع حتى منتصف القرن الثامن – الثالث عشر والرابع عشر الميلادي – وكان أشهر المخطوطات المصورة (جامع التواريخ) للوزير رشيد الدين في أوائل القرن السابع الهجري والشاهنامة للفردوسي التي ضمت تاريخ ملوك الفرس والأساطير الفارسية والمخطوطات المصورة في بغداد لكتاب كليلة ودمنة .وكان الأسلوب الفني في صور هذه المخطوطات المغولية متأثرا إلى حد كبير بالأسلوب الصيني سواء من حيث واقعية المناظر أو استطالة رسوم الأجسام أو اقتضاب الألوان .وأخذ فن التصوير الإيراني ينال شهرة عالمية في العصر التيموري وبخاصة في القرن التاسع الهجري – الخامس عشر الميلادي - وقد ظهرت فيه نخبة من كبار الفنانين الذين اختصوا بتصوير المخطوطات مثل خليل وأمير شاهي وبهزادويتميز التصوير الإيراني بصياغة المناظر في مجموعات زخرفية كاملة تبدو فيها الأشكال كعناصر تنبت من وحدة زخرفية وتتجمع حولها أو تمتد وتتفرع مع حرص المصورين على ملاحظة الطبيعة ومحاولاتهم محاكاتها والتعبير عن مظاهر الجمال والحركة فيها بسمائها ونجومها وأقمارها وبما تحتويه من جبال ووديان وأشجار وأزهار وبما فيها من رجال ونساء وأطفال وطيور وحيوان . وكانت العلاقة قوية بين الشعر والتصوير حيث كان التصوير نوعا من الموسيقى والمصور أشبه بالملحن لكتاب الشاعر . فكان يضع الشعر المكتوب في أشكال محسوسة ليطبع التفكير والخيال بنوع من الحقيقة والحركات المتنوعة . مما يجعله يعبر في ألوانه عن هذه الروح الموسيقية وتلك الحساسية الشاعرية. فكانت الألوان تمتزج في صوره امتزاجا عجيبا بين الزهاء والهدوء وتنسجم انسجام الألحان في المقطوعة الموسيقية بحيث تختلف الألوان في الصورة الواحدة وتتعدد. كما تختلف فيها درجات اللون الواحد الذي ينبثق من صفاء السماء وينعكس فيه أشعة الشمس الذهبية الصافية . فالتصوير الإيراني كان فنا تعبيريا عن الشاعرية والعاطفة من خلال تسجيل ما في الطبيعة من حقائق جذابة وما في القلوب من خيال أخاذ ونغمات دفينة ..

الملاحة و صناعة السفن
وكانت صناعة السفن في كل أنحاء العالم الاسلامي في ظلال الخلافة الإسلامية الأموية والعباسية .فلقد ظهرت صناعة السفن والأساطيل في موانيء الشام بعكا وصور وطربلس وبيروت وحيفا . وفي المغرب كانت هناك طرابلس وتونس وسوسة وطنجة ووهران والرباط. وفي الأندلس اشتهرت إشبيلية ومالقة ومرسية وفي مصر اشتهرت المقس والاسكندرية ودمياط وعيذاب( علي ساحل البحر الأحمر (.وكانت المراكب النيلية تصنع بالقاهرة .وكانت ترسانات البحرية لصناعة السفن يطلق عليها دور الصناعة . وكان الأسطول يتكون من عدة أنواع من السفن مختلفة الحجم ولكل نوع وظيفة. فالشونة كانت حاملات للجنود ، والأسلحة الثقيلة

وفي علوم الملاحة وعلوم البحار كتب الجغرافيون المسلمون كتبهم . فضمنوها وصفا دقيقا لخطوط الملاحة البحرية، كماوضعوا فيها سرودا تفصيلية لكل المعارك الإسلاميةالبحرية، ثم وصفوا فيها البحار والتيارات إلما ئية والهوائية, ومن أشهر الجغرافيين العرب المسعودي والمقدسي وياقوت الحموي والبكري والشريف الادريسي ومن الرحالة ابن جبير وابن بطوطة. وهناك كتب ابن ماجد في علوم البحار مثل كتاب "الفوائد في أصول علم البحر والقواعد" وأرجوزته بعنوان "حاوية الاختصار في اصول علم البحار" وهناك مخطوط باسم سليمان المهري عنوانه "المنهاج الفاخر في العلم البحري الزاخر: و "العمدة المهرية في ضبط العلوم البحرية .

كتاب عبقرية الحضارة الإسلامية
ألف الكاتب هذا الكتاب بعد أن نال الكاتب البريطاني (فيدهارد نيبول) مؤخرا جائزة نوبل في الآداب علي رواياته التي هاجم فيها الإسلام وأدعي أنه يجلب التخلف وأنه فصل كل الشعوب الغير عربية عن جذورها الحضارية والثقافية وقال: إن الإسلام وضع حضارة الهند القديمة في منطقة مظلمة . و بعد الكارثة الأمريكية الكبري في سبتمبر نجد أن الإرهاصات الإعلامية قد تدافعت وتلاحقت للنيل من الإسلام ووصمه بالتخلف. لكن هذه الكارثة كانت إحياء للإسلام وتكالبت شعوب أهل الإرض للتعرف عليه . فقرأت عن تعاليمه وتعرفت علي حضارات شعوبه وطالعت عن قيمه الحضارية والإنسانية مما جعل الآلاف يؤمنون به. وهذه الصحوة الإسلامية جعلت المستضعفين والمغلوبين علي أمرهم والضالين والتائهين يجدون في الإسلام ضالتهم المنشودة بين ركام عالم قوضته أحداث سبتمبر وسقوط الشيوعية العقد الماضي .فآمن الآلاف منهم علانية وأعلنوا إسلامهم طواعية وعن يقين بعظمة هذا الدين . فاكتشفوا فيما إكتشفوه أن الإسلام يدعو إلي الحق والعدل والمساواة والإخوة الإسلامية بنظرة إيمانية ثابتة . ولايقر الظلم أو القهرويدعو لنصرة الضعفاء ونجدة المحتاجين وغوث الملهوفين . لأن كلمة الإسلام أن يسلم المرء أمره لله سبحانه وأنه يضفي السلام علي البشر جميعا ، فلا إكراه في دينه . فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. ففيه أن كل نفس بما كسبت رهين .

والإسلام نجده ينتشر تلقائيا بدون صخب إعلامي وكلما إستضعف أهله كلما إنتشر . فلقد غزا التتاراللادينيون بغداد وحطموا صروح الحضارة بها وأسقطوا الخلافة العباسية وأقاموا المذابح للمسلمين في كل المشرقين الإسلامي والعربي . ورغم الهوان الذي كان فيه المسلمون وقتها . عاد التتار لبلادهم مسلمين وأقاموا أكبر حضارة في تاريخ الهند وهي الحضارة المغولية الإسلامية في ظلال إمبراطورياتهم التي إمتدت في فارس وأفغانستان وبنجالاديش وباكستان وكانت دلهي العاصمة . وظلت هذه الإمبراطورية قائمة لعدة قرون وآثارها ثبت لم يمح هناك حتي الآن. وقامت حضارات الغزنويين والدارونيين وحضارات ما وراء النهرين. وهذه حضارات أقامت مدن بخاري وسمرقند وغيرها من مدن الهند وكشمير وباكستان وأفغانستان و بلدان آسيا الوسطي حيث ظهرت إمبراطورية تيمور لنك وعاصمتها سمرقند وكانت هذه الإمبراطورية قد حكمت موسكو التي كانت تدفع لها الجزية . وكانت الخلافة الإسلامية العثمانية وعاصمتها الآستانة (إستانبول ) في أوجها ولاسيما في القرنين الخامس والسادس عشر وكانت تضم مصر والشام وإيران والعراق والحجاز وتونس وليبيا والجزائر. وفي شرق أوربا كانت تضم أجزاء من رومانيا واليونان والصرب ومقدونيا وألبانيا والبوسنة والهرسك والمجر وبلغاريا حتي بلغت فيينا بالنمسا .وكانت القوة الأعظم بلا منازع في العالم وقتها . وقامت الخلافة الأموية الثانية بالأندلس لتضم جنوب غربي أوربا وفيها بلغت وسط فرنسا وكانت تضم جنوب إيطاليا وجزر صقلية وسردينيا وكورسيكا حتي بلغت القوات البرية والبحرية روما عام 809 م . وكان البحر الأبيض بحيرة إسلامية بما فيها كريت ومالطة ورودس وكورسيكا وجزر البليارد وصقلية وسردينيا وجزر بحر إيجه ولم يبق سوي طرفا الهلال عند القسطنطينية والطرف الآخر عند روما وما بينهما كان يخضع للحكم الإسلامي العادل. والإسلام في كل البلدان التي دالت له وفي كل الشعوب التي دانت به قد أقام حضاراته التي ظلت توابعها تتري علي العالمين بأصالتها وقيمها . ومازالت بصماتها تتري لنا بما لا يدعو للتشكيك في عظمتها . لأنها أوابد راسخة في وجدان وثبت التاريخ الإنساني كحضارة متفردة فاقت كل الحضارات . لأنها قامت علي أسس إسلامية لا جدال فيها أو حولها . لأنها أم الحضارات وباعثة نهضة وحاملة مشاعل الفكر والتنوير لهذه الشعوب التي عانت من الفقر والجهل والظلم والعبودية . فكان الإسلام هاديا ومبشرا ومنقذا للعالمين من وهدات التخلف وإرهاصات الفكر السفلي الذي ران فوق العالم قبل ظهور الإسلام.