الخميس، ٧ يناير ٢٠١٠

ERP - مشروع مارشال صدر رسميا باسم برنامج الإنتعاش الاوروبي

Dr Usama Fouad Shaalan MD- PhD MiniEncyclopedia الموسوعه المصغره للدكتور أسامه فؤاد شعلان





























مشروع مارشال
مشروع مارشال هو المشروع الاقتصادي لإعادة تعمير أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية الذي وضعه الجنرال جورج مارشال رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي أثناء الحرب العالمية الثانية و وزير الخارجية الأميركي منذ يناير 1947 والذى اعلنه بنفسه في 5 يونيو 1947 في خطاب امام جامعة هارفارد وكانت الهيئة التي اقامتها حكومات غرب أوروبا للاشراف على إنفاق 13 مليار دولار أميركي قد سميت " منظمة التعاون والاقتصادي الاوربي" و قد ساهمت هذة الأموال في إعادة اعمار و تشغيل الاقتصاد و المصانع الاوربية.

لقد ترتب على إضعاف وتدمير الجزء الأكبر من رأس المال الأوروبي والياباني، بسبب الحرب الثانية، إضعاف وتدمير البورجوازيات الأوروبية واليابانية. وكانت مقاومة النازية والفاشية قد نهضت على عاتق الأحزاب التقدمية والنقابات العمالية التي أخذت على عاتقها أيضاً مقاومة الخيانات البورجوازية (كما في فرنسا) فكانت النتيجة أن الحرب انتهت والمقاومة هي سيدة المسرح السياسي، لذلك كان ردّ فعل رأس المال الأميركي، والبورجوازيات الأوروبية واليابانية التي سلمته زمامها، هو التصدّي الفوري لتلك المقاومة وجماهيرها العريضة، للحيلولة دون خروجها من شبكة العلاقات الرأسمالية، فكان مشروع مارشال أول وأهم أساليب التصدّي. أما اليوم، فإن الأمم جميعها وبمختلف فئاتها تقف من الديكتاتورية الأميركية العالمية موقفاً يتراوح بين التململ والاحتجاج وبين التصدّي والمقاومة.

اتجاهان لضبط أوروبا واليابان
لقد تحركت يومئذ الإدارة الأميركية، ومعها البورجوازيات الأوروبية واليابانية، في اتجاهين:

1- مشروع مارشال لإعادة بناء رأس المال في أوروبا عموماً، بهدف إيقاف المدّ الثوري التحرّري في المقام الأول، وخاصة في فرنسا وإيطاليا، وأيضاً بهدف السيطرة على رأس المال في كل من هذين البلدين.
2- إعادة بناء رأس المال في ألمانيا واليابان اللتين تميزت مجتمعاتهما بالضعف النسبي النقابي والسياسي، الأمر الذي كان يعني مردوداً ربحياً أكبر لرأس المال الأميركي وللبورجوازيتين الألمانية واليابانية، ناهيكم عن توفّر القدرة الأكبر للنمو والتوسع في هذين البلدين.
وبما أن الدولار غدا سيّد العملات، فقد نجحت واشنطن في تحقيق سيطرتها عن طريق الاستثمارات وشراء المشروعات القائمة في تلك البلدان، مقابل وعود بالتسديد بالدولار، ومقابل إعطاء الدائنين شهادات بتلك الوعود، فكانت "برامج الإعمار" العملاقة التي جعلت أوروبا واليابان، بمصانعها وشركاتها وأسواقها، بلداناً تابعة يقتسم الاحتكاريون الأميركيون منافعها وأرباحها! غير أنه من الثابت أن المخصصات الأميركية لم تكن تكفي لإعادة الإعمار، بل هي كانت حقاً الجزء الأصغر من التكاليف، أما الجزء الأكبر فقد وقع على عاتق الشعوب في أوروبا واليابان، وحتى الجزء الأميركي الصغير لم يأت من خزائن الاحتكاريين الأميركيين، بل من مدّخرات المودعين والمساهمين الأميركيين الصغار، ومن دافعي الضرائب، ومن بعض المصارف الأميركية، أي أن المرابين الأميركيين الكبار كانوا يسرقون مواطنيهم، فهم بالإجمال لم يوظفوا من جيوبهم ما يستحق الذكر، وجنوا الفوائد الضخمة والأرباح الطائلة التي عزّزت مواقعهم في النظام الربوي الدولي!

مشروع مارشال عملية احتيالية!
لقد وضعت نتائج الحرب الاحتكاريين الأوروبيين واليابانيين في حالة ذعر شديد من شعوبهم المدمّاة، فدفعهم الذعر إلى الرضى بالتبعية للأميركيين كحماة لأنظمتهم المتهالكة، وقادهم ذعرهم إلى الخيانة الوطنية، حيث مكنوا الأميركيين من الإطلاع بسهولة وبساطة على أسرار صناعاتهم المتفوقة، ووضع يدهم على كنوزهم العلمية والمادية والبشرية التي لا تقدّر بثمن!

لقد توجب على أولئك الأوروبيين واليابانيين الذين قبلوا برامج المساعدات والإعمار الأميركية الخضوع لشروط واشنطن، فانتشرت لجان المراقبة الأميركية في الدوائر الرسمية وفي إدارات الشركات للتدقيق في مدى الالتزام بتنفيذ البرامج، ولم تكن تلك، بالطبع، إلا مظاهر السيطرة الأميركية. أما اليابان فقد غدت مجرّد مستعمرة على مدى عقدين من الزمن، ثم تحوّلت إلى طرف من أطراف رأس المال الدولي الموحّد بزعامة رأس المال الأميركي!

إن ذعر البورجوازيات الأوروبية واليابانية من شعوبها قد دفعها إلى الاستجابة بلا تردّد للإملاءات الأميركية، وإلى الانخراط في الأحلاف، مثل حلف شمال الأطلسي الذي اتسع ليشمل السياسة والاقتصاد والثقافة والمجتمع، وليساعد في توحيد الإمبراطوريات الاستعمارية القديمة في إمبراطورية جديدة تقودها واشنطن। وقد اقتضى قيام الإمبراطورية الأميركية الجديدة زوال كل أثر من نفوذ منفرد، مستقل، لأية دولة رأسمالية قديمة، غير أنه ما كان باستطاعة واشنطن تحقيق انصهار تلك الدول عن طريق مجرّد العنف والإكراه العسكري، الذي هو خاصية الاستعمار القديم، فكان عليها التوفيق بين حاجتها إلى المستعمرين القدماء كمساهمين في إمبراطوريتها يقفون معها ضدّ الشعوب، وبين نزعتها الاحتكارية التي لا يمكن أن تسمح لهم بالإحتفاظ بسياساتهم الاستعمارية المستقلة عنها. وهكذا فهي دعمتهم بالمال والسلاح لقمع الثورات والمقاومة، وفي الوقت ذاته وضعت نفسها في موقع القادر على توجيه الأحداث كي تخدم في النهاية مصالحها أولاً. إن هذا هو عين ما نراه اليوم يحدث في ليبريا والكونغو والعراق وفلسطين وأفغانستان، وغيرها، فإذا كانت هذه حقيقة مشروع مارشال في أوروبا واليابان، فكيف سيكون في نسخته العراقية الجديدة، المختلفة كل الاختلاف، من حيث الظروف ومن جميع النواحي، عن تلك النسخة الفظيعة اليابانية الأوروبية؟!
يرى المؤرخون أن الأحداث التي وقعت في أوروبا والولايات المتحدة في أواخر الأربعينات من القرن العشرين كانت استثنائية إلى حد يجعل من غير الممكن على الأرجح تكرار مشروع مارشال في مكان آخر.
ولكنهم يقولون أيضاً إن المشروع، الذي يعتبر من أعظم إنجازات السياسة الخارجية في القرن الماضي، يستحق الدراسة بوصفه نموذجا يُقتدى بها في مجال كيفية تنظيم وإدارة برنامج حكومي دولي ناجح.
وقال لاري بلاند، كبير مديري مؤسسة جورج مارشال الوقفية في لكسنغتون، بولاية فرجينيا، ومحرر أوراق مارشال، إنه "يصعب تصور نجاحها مرة أخرى."
وأوضح أن "معظم الناس يعتقدون أنها كانت برنامج إنعاش. ولكنها أذكى من ذلك بكثير."
وقد عرض المشروع، الذي اقترحه جورج مارشال في حزيران/يونيو 1947، تقديم مساعدات مالية ضخمة لأوروبا إذا ما تمكنت الحكومات الأوروبية التي مزقتها الحرب من التعاون على إنفاق أموال المساعدات بحيث تعود بالفائدة على المنطقة بأكملها. كما كان يتعين على الحكومات الأوروبية أن توافق على توفير أموال أوروبية مقابل التبرعات الأميركية.
وكان العرض سخيا. إلا أنه كانت للولايات المتحدة أيضاً مصلحة ذاتية كبيرة تجنيها منه. ذلك أن أوروبا قوية اقتصادياً لن تتطلب بعد ذلك مساعدة الولايات المتحدة، وستكون قادرة على استئناف شرائها للمنتجات الأميركية وسيمكنها الحيلولة دون اكتساح شيوعي للقارة.
وقال بلاند إنه توقف منذ فترة طويلة عن إحصاء عدد المرات التي أوصى فيها أشخاص يتصفون بحسن النية بتطبيق مشاريع مارشال جديدة لمعالجة مشكلة أو أخرى من مشاكل العالم الاقتصادية الكثيرة. وأضاف أن "التعافي" كان الكلمة الحاسمة في "برنامج التعافي الأوروبي"، وهو الاسم الرسمي لمشروع مارشال. فلم يكن هدف البرنامج هو استحداث تجارة وخبرة في مكان لم تكونا موجودتين فيه في السابق، وإنما المساعدة في إعادة أوروبا إلى مستوى ثرائها السابق. فقد كان لدى أوروبا نظام قانوني يؤدي وظيفته، وكان فيها احترام للملكية الفردية والممتلكات الشخصية، وكانت قد مرت بقرون من التطور نحو نظام حكم ديمقراطي.
وأردف: "كنا نتعامل مع أناس يعرفون كيف يقومون بالمهمة، ولديهم بالفعل قيم الطبقة المتوسطة. ولم يكن الوضع وضعاً يقتضي أن نذهب ونعلم هذه الشعوب أن تكون ديمقراطية وأن تكون رأسمالية."
ولكن بلاند وغيره يعتقدون رغم ذلك أنه يمكن لمشروع مارشال أن يكون مثالاً يُحتذى لبرنامج حكومي يدار بشكل جيد.
وقال باري ماتشادو، كاتب مقال "بحثاً عن ماض صالح للاستعمال: مشروع مارشال وإعادة التعمير بعد الحروب اليوم،" إنه "يجب ألا يتم نسيان ما حقق النجاح ذات مرة في حقبة ماضية."
ولقد كان بين العناصر الناجحة في مشروع مارشال:
* دعم الحزبين: نجحت وزارة الخارجية وحكومة (الرئيس هاري) ترومان في حشد دعم شعبي قوي للمشروع في وقت كان فيه أحد حزبين سياسيين يعارض أحدهما الآخر، يسيطر على البيت الأبيض في حين يسيطر الآخر على الكونغرس. وكان مارشال، وزير خارجية ترومان، يتمتع بالاحترام ويحظى بالإعجاب على نطاق واسع لكونه غير متحزب إذ إنه لم يقترع في الانتخابات الرئاسية.

* دعم شعبي: قام مارشال ومسؤولون أميركيون آخرون بجولات في الولايات المتحدة شرحوا فيها أهمية المشروع للمواطنين في المدن والبلدات والمناطق الريفية. وكان المطلوب من الأميركيين الذين أرهقتهم الحرب أن يدفعوا مزيداً من الضرائب وأن يشحنوا معدات زراعية إلى أوروبا، مما سيخلق نقصاً مؤقتاً داخل البلد. ولكن برنامج التحدث إلى الشعب نجح رغم ذلك في كسب تأييد أميركي كبير للمشروع بين رجال الأعمال والمزارعين والعمال.

* دعم دولي: كان يشترط على الدول التي تقبل الأموال من مشروع مارشال المشاركة في برنامج علاقات عامة رئيسي لشرح المشروع لشعوبها. وتشاركت شخصيات أميركية مرموقة من الأوساط الإعلامية مع فنانين وكتاب وسينمائيين أوروبيين في الترويج لمشروع مارشال. وقد تنافست هذه المجموعة مع مكتب الإعلام الشيوعي (كومنفورم) جيد التمويل الذي كان يدعمه السوفيات والذي سعى إلى تقويض الدعم الشعبي لمشروع مارشال. وتم إرسال زعماء الاتحادات العمالية الأميركية إلى أوروبا للقيام بجولات يلقون فيها كلمات تروج لمثل أعلى أميركي هو علاقة غير عدائية بين العمال والإدارة.

* نهج تعددي الأطراف: أصر مارشال، بدل أن يملي على الأوروبيين كيفية إنفاق المال وإعادة تنظيم بلدانهم، على أن تتصدر الحكومات الأوروبية الجهود بينما تحتفظ الولايات المتحدة لنفسها، بوصفها الدولة المانحة، بحق الفيتو في ما يتعلق بخطط إنفاق المال.

* وكالة مستقلة: أنشأ الكونغرس وكالة حكومية أميركية جديدة مخصصة لإدارة البرنامج، وذلك لتقليص التنافس بين الوكالات الحكومية المختلفة. ورأس "إدارة التعاون الاقتصادي" في واشنطن بول هوفمان، وكان من زعماء الحزب الجمهوري ومديراً تنفيذياً محترماً في قطاع صناعة السيارات. وكان نائب هوفمان، ومقره في باريس، أفريل هاريمان، وكان زعيماً في الحزب الديمقراطي يحظى بنفس القدر من الاحترام وسفيراً سابقاً ورجل أعمال ومصرفيا. وكان هناك فريق أميركي يتمركز في كل دولة من الدول الأعضاء في البرنامج.

* قليل من البيروقراطية وكثير من المواهب: استمرت فترة وجود إدارة التعاون الاقتصادي أربع سنوات فقط لا غير. وقد استقطبت، بوصفها وكالة قائمة بذاتها ذات مهمة خاصة، مئات من الموهوبين الذين تقدموا بطلبات إليها لشغل كل وظيفة فيها. وما أن بدأت الإدارة تمر بفترة الانتفاخ والتحول إلى بيروقراطية حتى كانت قد بدأت في تصفية أعمالها وإغلاق أبوابها. وكان يتم التشجيع فيها على المرونة والابتكار. وكان الكثير من موظفيها شباناً يؤمنون بالمثل العليا ما لبثوا أن أصبحوا زعماء في مجالاتهم المختارة، في حين كان الآخرون موظفين محنكين في سلك الخدمة المدنية انتشلوا خلال الـ15 عاماً السابقة الولايات المتحدة من الركود الاقتصادي العظيم وتولوا قيادتها خلال الحرب العالمية الثانية. وقد فاز شخصان ممن عملوا في إدارة التعاون الاقتصادي في وقت لاحق بجائزة نوبل، وفاز آخران بجائزة بوليتزر، في حين شغل ثمانية من موظفيها في ما بعد منصب عميد كلية أو رئيس جامعة، وأصبح 12 منهم سفراء، بينما تولى أحدهم منصب المدير التنفيذي لصندوق رعاية الطفولة التابع للأمم المتحدة.

* الشفافية: كان يفرض على الدول التي تتلقى مساعدات مشروع مارشال تقديم كشف كامل عن وضعها المالي القومي وحسابات دقيقة عن كيفية إنفاقها للأموال التي حصلت عليها من المشروع. وكان الكونغرس يدقق في شؤون إدارة التعاون الاقتصادي نفسها، وأصر على إجراء مراجعة سنوية شاملة للنفقات قبل اعتماد أي مخصصات إضافية.

* الخلو من الفساد: عندما يأخذ المرء بعين الاعتبار كون إدارة التعاون الاقتصادي أدارت في الأشهر الـ18 الأولى من عمرها 2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي، يتبين له أنها كانت خالية من الفساد والفضائح إلى حد ملفت للنظر. وكان يتم اتخاذ قرارات التوظيف على أساس الكفاءة وحدها لا على أساس المحسوبية وإيثار المقربين. وقد حدث مرة أن طلب عضو من ذوي النفوذ في الكونغرس توظيف قريب له يتمتع بقدر كبير من الأهلية في هيئة موظفي الإدارة. ولم يتم توظيف قريب عضو الكونغرس رغم مؤهلاته تفادياً لإعطاء أي انطباع بأنه تمت محاباته لكونه قريبه.

وقد كتب جوزف جوف، رئيس تحرير وناشر صحيفة دي تسايت الألمانية، في العام 2006 أن العبرة الدائمة التي يمكن استخلاصها من مشروع مارشال، علاوة على تركيزها على التعاون المتخطي لحدود الدول، هو استعدادها الاستراتيجي بعيد النظر "لدفع عجلة المصالح الأميركية من خلال خدمة مصالح الآخرين."

ويمكن الاطلاع على النص الكامل لمقال "بحثاً عن ماض صالح للاستعمال: مشروع مارشال وإعادة التعمير ما بعد الحروب اليوم" على موقع مؤسسة مارشال الوقفية على الشبكة العنكبوتية.

طالع أيضاً التقريرين الأول والثاني في سلسلة التقارير حول مشروع مارشال:

- أصداء مشروع مارشال لإعادة بناء أوروبا ما زالت تتردد بعد مرور 60 عاماً على إطلاقها؛

- خطة مارشال وضعت أوروبا على الطريق