الجمعة، ١٢ مارس ٢٠١٠

كونفوشيوس هو أول فيلسوف صيني يفلح في إقامة مذهب يتضمن كل التقاليد





Dr Usama Shaalan(Papyrus) برديه الدكتوراسامه شعلان

كونفوشيوس
كونفوشيوس هو أول فيلسوف صيني يفلح في إقامة مذهب يتضمن كل التقاليد الصينية عن السلوك الإجتماعي والأخلاقى. ففلسفته قائمة على القيم الأخلاقية الشخصية وعلى أن تكون هناك حكومة تخدم الشعب تطبيقاً لمثل أخلاقي أعلى. تعاليمه وفلسفته قد تأثر بعمق الفكر والحياة الصينية والكورية واليابانية والتايوانية والفيتنامية. ويلقب بنبي الصين

ولد كونفوشيوس سنة 551 ق.م. في دولة لو في التي هي الآن ولاية تابعة لشانتانج في شمال شرقي الصين. شمال الصين في أسرة فقيرة رغم ما امتازت بة من عراقة. مات أبوه وعمرة 3سنوات. ولم يترك لهم ثروة ينفقون منها مما اضطر أمه للعمل للإنفاق عليه واشتهر في صغرة بارتداء الأزياء الغريبة والقيام بالطقوس الشعائرية على سبيل اللعب وتزوج وهو في الـ 19 من عمره وانجب من زوجته ولد واختلفت المصادر حول السن الذى هجر فية بيته وتجول فيه في جميع أنحاء الصين، بيد أنهم لم يختلفوا حول حقيقة هجره لابنه وزوجته. وقام بتعلم الموسيقى والتي كانت حديثة العهد في ذلك الوقت وتعلم الشعائرالدينية وقام من خلال تجاربه بوضع منهج أخلاقي بحت يعتمد على الموسيقى والمبادئ الأخلاقية المثلى.

فلسفته
كثيراً ما وصف كونفوشيوس بأنه أحد مؤسسي الديانات، وهذا تعبير غير دقيق إن لم يكن خاطئاً فمذهبه ليس ديناً. فهو لا يتحدث عن إله أو السماوات. وإنما مذهبه هو طريقة في الحياة الخاصة والسلوك الإجتماعي والسلوك السياسي. ومذهبه يقوم على الحب - حب الناس وحسن معاملتهم والرقة في الحديث والأدب في الخطاب. ونظافة اليد واللسان. وأيضاً يقوم مذهبه على احترام الأكبر سناً والأكبر مقاماً، وعلى تقديس الأسرة وعلى طاعة الصغير للكبير وطاعة المرأة لزوجها. ولكنه في نفس الوقت يكره الطغيان والاستبداد. وهو يؤمن بأن الحكومة إنما أنشئت لخدمة الشعب وليس العكس. وأن الحاكم يجب أن يكون عتد قيم أخلاقية ومثل عليا. ومن الحكم التي اتخذها كونفوشيوس قاعدة لسلوكه تلك الحكمة القديمة التي تقول : " أحب لغيرك ما تحبه لنفسك ".

يعتبر كنفوشيوس الفضيلتين الهامتين هما (جن) و(لي) والرجل المثالي يسير حياته طبقا لهما. وقد ترجمت (جن) بالحب أو الاهتمام الحميم باخواننا البشر، أما (لي) فهي تصف مجموعة من الأخلاق والطقوس والتقاليد والاتكيت واللياقة والحشمة.

و وكان كونفوشيوس محافظاً في نظرته إلى الحياة فهو يرى بأن العصر الذهبي للإنسانية كان وراءها - أي كان في الماضي. وهو لذلك كان يحن إلى الماضي ويدعو الناس إلى الحياة فيه.. ولكن الحكام على زمانه لم يكونوا من رأيه ولذلك لقي بعض المعارضة. وقد اشتدت هذه المعارضة بعد وفاته ببضع مئات من السنين، عندما ولي الصين ملوك أحرقوا كتبه وحرموا تعاليمه.. ورؤوا فيها نكسة مستمرة. لأن الشعوب يجب أن تنظر أمامها. بينما هو يدعو الناس إلى النظر إلى الوراء.. ولكن ما لبثت تعاليم كونفوشيوس أن عادت أقوى مما كانت وانتشر تلاميذه وكهنته في كل مكان.. واستمرت فلسفة كونفوشيوس تتحكم في الحياة الصينية قرابة عشرين قرناً - أي من القرن الأول قبل الميلاد حتى نهاية القرن التاسع عشر بعد الميلاد. أما إيمان أهل الصين بفلسفة كونفوشيوس فيعود إلى سببين : أولا أنه كان صادقاً مخلصاً. لا شك في ذلك. ثانياً أنه شخص معقول ومعتدل وعملي. وهذا يتفق تماماً مع المزاج الصيني. بل هذا هو السبب الأكبر في انتشار فلسفته في الصين. وهو بذلك كان قريباً منهم. فلم يطلب إليهم أن يغيروا حياتهم أو يثوروا عليها. وإنما هو أكد لهم كل ما يؤمنون به فوجدوا أنفسهم في تعاليمه. ولذلك ظلت فلسفة كونفوشيوس صينية. ولم تتجاوزها إلا إلى اليابان وكوريا.

و لكن هذه الفلسفة قد انحسرت تماماً عن الصين. بعد أن تحولت إلى الشيوعية واتجهت الصين إلى المستقبل وانتزعت نفسها من هذه الديانة وذلك بالبعد عن الماضي ومسالمة الناس في الداخل والخارج. و لكن تظل فلسفة كونفوشيوس هي التي حققت سلاماً وأمناً داخلياً أكثر من عشرين قرناً للصين. وقد فشلت الكونفوشية أن تترك أثراً يذكر خارج الصين. وفي زمن أسرة هان المالكة درج الأباطرة الصينيون على اختيار موظفي الدولة بطرح امتحان يعتمد إلى حد كبير على معرفة تعاليم وآداب كنفوشيوس. ولكن انحدرت قيمة كنفوشيوس في الوقت الحاضر وذلك لأن الصين الشيوعية هاجمت كنفوشيوس وتعاليمه.

من حكم كونفوشيوس :

لو قال كل إنسان ما يفكر فيه بصدق فإن الحوار بين البشر يصبح قصيراً جداً. سلح عقلك بالعلم خير من أن تزين جسدك بالجواهر. ليس من أغراك بالعسل حبيباً، بل من نصحك بالصدق عزيزاً. العقل كالمعدة المهم ما تهضمه لا ما تبتلعه. مما قاله عن لسان المرأة " إنك مهما حذرت من لسان المرأة فسوف تلدغ منه عاجلاً أو أجلاً ". إن تجاوز الهدف مثل عدم بلوغه. ليست العظمة في ألا تسقط أبداً بل في أن تسقط ثم تنهض من جديد.


الكونفوشية: هي مجموعة من المعتقدات والمبادئ في الفلسفة الصينية، طُورت عن طريق تعاليم كونفيشيوس وأتباعه، تتمحور في مجملها حول الأخلاق والآداب، طريقة إدارة الحكم والعلاقات الاجتماعية. أثرت الكونفشيوسية في منهج حياة الصينيين، حددت لهم أنماط الحياة وسُلم القِيم الإجتماعية، كما وفرت المبادئ الأساسية التي قامت عليها النظريات والمؤسسات السياسية في الصين. انطلاقا من الصين، انتشرت هذه المدرسة إلى كوريا، ثم إلى اليابان وفيتنام، أصبحت ركيزة ثابتة في ثقافة شعوب شرق آسيا. عندما تم ادخالها إلى المجتمعات الغربية، جلبت الكونفشيوسية انتباه العديد من الفلاسفة الغربيين.

مقدمة
رغم أن الكونفشيوسية أصبحت المذهب الرسمي للدولة الصينية، لم تشق هذه طريقها حتى تصبح ديانة بالمعنى المعروف، كان يعوزها وجود هياكل أساسية، وطبقة من الكهنوتية (رجال الدين). حظيَّ كونفيشيوس بمكانة رفيعة لدى رجال أهل العلم في الصين، كانوا يطلقون عليه ألقاب الـ"معلِم" والـ"حكيم"، إلا أن تبجيلهم إياه لم يرقى أبدا إلى درجة التأليه (من الألوهية). يبدو أن بعض المؤرخين في الغرب أساء فهم هذا التصور، نظرا لملازمة مفهوم عبادة الأسلاف للديانة الصينية. لم يكن كونفيشيوس نفسه يدعي أنه إله. عكس الديانات الأخرى، لم تكن المعابد التي شُيدت على شرف كونفيشيوس أماكن لتجميع طوائفَ من الأتباع المنتظِمين، ولكن مبانٍ عمومية مخصصة لمراسيم سنوية وبالأخص يوم عيد ميلاد كونفيشيوس. بسبب الطبيعية الأساسية الدُنيوية (لادينية) لهذه الفلسفة، فشلت كل المحاولات التي كانت تهدف لأن تجعل من الكونفيشيوسية عقيدة دينية.

الكتابات وتدوين التعاليم
دُونت مبادئ المدرسة الكونفشيوسية في تسع من الكتابات الصينية القديمية والتي تم توارثها عن كونفشيوس وأتباعه، تمت كتابتها أثناء فترة حكم سلالة "تشو" عرفت تلك الفترة نشاطا مكثفا للمدارس الفلسفية. يمكن تقسيم هذه الكتابت إلى قسمين رئيسين:

الكتابات الخمس التقليدية (وو-جينغ)؛
الكتابات الأربع (سيشو).
تم تَنَاقل تعاليم كونفشيوس بالطريقة الشفوية، لاحقا تم تدوين هذه التعاليم في مؤلَف الـ"لون-يو". يبدو المُعلِم (كونفشيوس) كما لو أنه يريد أن يُظهر نفسه بمظهر الأخلاقيّ (الذي يكتب في الأخلاقيات) المحافظ، في وقت عرفت فيه البلاد اضطرابات كبرى ميزها حالة الإنفلات السياسية، والتحولات الاجتماعية التي تلت انحلال مملكة "تشو" إلى ممالك اقطاعية متحاربة. حملت حالة الهيجان التي عرفتها البلاد كونفشيوس ومفكريين آخرين، على تَدبُر الطريقة المثلى لإسترجاع وحدة المملكة، أصبحوا ورغما عنهم فلاسفة ومبدعين (من باب أنهم أوجدو أو سَنُوا أفكارا جديدة) في آن واحد.

مفهوم الـ"لي"
يرى كونفشيوس أن النظامين السياسي والاجتماعي يشكلان وحدة متكاملة. الفضائل والمناقب الشخصية للحكام ورجال البلاط (الأرسطقراطيين) وحدهما كفيلان بأن يضمنا عافية الدولة. يتم استتباب النظام عن طريق نشر شعائر الـ"لي" والموسيقى، كانت الموسيقى الصينية المعاصرة للفترة من أهم العناصر في الشعائر والممارسات الدينية. أقرَ "كونفشيوس" بتفوق الموسيقى، عند استعمالها بوظيفتها الروحانية وسلطانها على أفئدة الناس. كان كونفشيوس يستحب القصائد الصينية القديمة، والتي كانت تنظم عادة في صيغة موسيقية، كان يشيد بقيمتها الحضارية. كان يرى أن الدولة التي تمتلك موسيقى وشعائر خاصة بها، يتم اختيارهم من بين الأعراف والتقاليد الموجودة، يمكن أن تنتج مواطنين سعداء ويتمتعون بقدر كاف من الفضيلة، يجعل الدولة في غنى عن تشريع القوانين حتى تظمن حسن انضباطهم. سيعم البلاد الأمان وتصبح القوانين بلا فائدة. جاب كونفشيوس بلاد الصين بحثا عن الحاكم المثالي الذي يريد (ويستطيع) تبني هذه التعاليم، ولكن عبثا كان يحاول.

تتمحور الفكرة العامة للأخلاقيات الكونفشيوسية في مفهوم الـ"رِن" والتي يمكن ترجمتها بـ"إنسانية" أو"طِيبَةُ القَلْب". "رن" هي الفضيلة السامية والتي تمثل أفضل ما في النفس البشرية. في عصر كونفشيوس كان مفهوم الـ"رن" مقرونا برجال الطبقة الحاكمة، مع الزمن تحول مدلوله وأصبح يعني طبقة "النبلاء"، على أن هذا المفهوم أصبح أشمل فيما بعد. في العلاقات الإنسانية على غرار تلك التي تجمع بين شخصين، يتجلى الـ"رن عبر عدد من المفاهيم الأخرى:

الـ"تشونغ" أو الإخلاص تجاه الذات وتجاه الآخرين،
الـ"شياو" أو "الإيثار" (إيثار الغير على النفس)، والذي يعبر عنه كونفشيوس في قاعدته الذهبية :"لا تفعل بالآخرين مالاتحب أن يفعله الآخرون بك".
الـ"جونتسه، يمكن ترجمتها بالرجل الشريف (بفضائله وليس بنسبه)، ويطلق على الشخص الذي تجتمع فيه عدة فضائل، على غرار الاستقامة، اللباقة، التأدب، النزاهة بالإضافة إلى التقوى والورع.
سياسيا كان كونفشيوس يدعو إلى حكومة أَبَوية (تسلطية) يقودها حاكم يحظى بالإحترام ومطاع بين رعيته. يجب على الحاكم أن ينمي أخلاقه لتبلغ الكمال، حتى يكون مثالا يحتذي به شعبه. في الميدان التربوي كانت لـ"كونفشيوس" آراء تقدمية، كان يدعو إلى تعميم التعليم بين كل أبناء الشعب بغض النظر عن انتماءاتهم الطبقية.